نكهات تتغيّر… هل بدأ مشهد الطعام العالمي كتابة فصله الجديد؟

يللا ماغازين - تُظهِر توجّهات نهاية عام 2025 وبداية 2026 أنّ عالم الطهي يدخل مرحلة مختلفة تمامًا، مرحلة تجمع بين الراحة، والصحّة، والبحث عن الأصالة، مع رغبة واضحة في السفر عبر النكهات من دون مغادرة المائدة. المشهد الغذائي اليوم يعبّر عن جيل يريد أن يأكل بذكاء، وأن يستمتع، وأن يجرّب، وأن يشارك الآخرين لحظات المذاق.

تتقدّم موجة "الكروستي" بين الشباب، حيث الأطباق الدسِمة التي تجمع الأرز والدجاج المقلي وكميات كبيرة من الصلصات. هذا الاتجاه ليس سوى جزء من تطوّر كبير تشهده مأكولات الشارع التي أصبحت أكثر أناقة وجودة، من السمّاش برغر المحسّن إلى ابتكارات هجينة مثل تاكو السوشي.

في المقابل، تعود أطباق الراحة بقوّة، لكن بنَفَس جديد؛ أطباق تُشعر بالحنين إلى الطفولة ولكن مع لمسات ابتكار ونكهات عالمية، مثل الرامن المُعدّل أو الكاري المستوحى من مطابخ الكاريبي.

وتبرز أيضًا موجة الاهتمام بـ النباتيّة والاستدامة، إذ لم تعُد الخيارات النباتية تفصيلاً إضافيًا في المطاعم، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من القوائم. المستهلك اليوم يبحث عن منتجات محليّة، موسمية، يمكن تتبّع مصادرها، ومن مزارع تحترم البيئة.

الجرأة في النكهات تتجلّى من خلال صيحة "Swicy"، أي المزج بين الحلو والحار، مثل رقائق المانغا والهالبينو، أو العسل الحار على البيتزا، أو استخدام شراب القيقب في أطباق مالحـة. النتيجة: توازن غير مألوف… ومحبوب.

أمّا مطابخ العالم فتواصل توسّعها، مع صعود لافت للمطبخ الكوري الذي قد يتفوّق على الياباني في شعبيّته. كما تزداد حضورًا مطابخ إنجلترا التقليدية، ودول أوروبا الشرقية، ومطابخ المشرق المتنوع (الكردية، التركية وغيرها).

وتُلاحَظ ظاهرة جديدة تُعرف بـ "الأكل-الترفيه" (Eatertainment)، حيث لم يعد روّاد المطاعم يذهبون لتناول الطعام فقط، بل لعيش تجربة كاملة تشجع على المشاركة والتفاعل. الأطباق الجماعية والمفاهيم المبتكرة أصبحت عنصر جذب أساسي.

ويتقدّم الشاي كمكوّن حاضر بقوّة في الحلويات والمثلجات والصلصات، إضافة إلى أشكاله الجديدة مثل المساحيق والأكياس المخصّصة للنقع البارد.

وفي خطٍّ موازٍ، يزداد الطلب على أطعمة صحّية غنية بالبروتين والألياف، وعلى مشروبات خالـية أو منخفضة الكحول، انسجامًا مع نمط حياة يوازن بين المتعة والاعتدال.

في المحصّلة، تعكس هذه التوجّهات رغبة متزايدة في الجمع بين المتعة والوعي، وبين تجربة المذاق والعناية بالصحة، وبين الأصالة والسفر عبر أطباق جديدة. إنها بداية فصل جديد في عالم الطهي… فصل يُكتَب بملاعق من الخيال.