زياد الرحباني... نبض الوطن الحزين وصوت العقل الغاضب
- الفرد بارود

- 26 يوليو
- 2 دقيقة قراءة

يللا اليوم - ماغازين - لبنان - فقد لبنان صباح السبت 26 تموز 2025 نبضاً استثنائياً من نبضها الثقافي، برحيل الفنان الكبير زياد الرحباني عن عمر يناهز 69 عامًا، بعد صراع طويل مع تليف الكبد، وإصراره على مواجهة الألم بصمت، تمامًا كما اعتاد أن يواجه الواقع بأغنياته وكلماته ومسرحه الثائر.
ابن السيدة فيروز والموسيقار عاصي الرحباني، لم يكن مجرد امتدادٍ لعائلة فنية عريقة، بل كان ثورة فنية بحد ذاته. برز زياد منذ نعومة أظافره كمؤلف موسيقي عبقري، لكنه سرعان ما تخطّى التلحين ليصبح كاتباً مسرحياً وممثلاً ومخرجاً وفيلسوفاً شعبياً وصوتاً صارخاً في وجه القهر السياسي والاجتماعي.
منذ بدايته مع مسرحية "سهرية" عام 1973، جذب الأنظار بجرأته وعمقه، ثم رسّخ مكانته في وجدان الناس بمسرحياته الخالدة مثل:– "نزل السرور"– "بالنسبة لبكرا شو؟"– "فيلم أميركي طويل"– "شي فاشل"– "بخصوص الكرامة والشعب العنيد"– "لولا فسحة الأمل"
كل عمل منها كان مرآة لواقع عربي مرتبك، صاغه زياد بحرفية وبسخرية لاذعة جعلت الناس تضحك وتبكي في آنٍ معًا.
وفي الموسيقى، أنجب أعمالًا شكلت منعطفًا في الأغنية اللبنانية الحديثة. كتب ولحّن لوالدته فيروز أغنيات مثل "كيفك إنت" و"بكتب اسمك يا حبيبي" و"عودك رنان" و"يسعد صباحك"، كما قدّم ألبوماته الخاصة التي مزجت بين الجاز والبلوز والطرب العربي، وطرحت مواضيع السياسة، الحب، الله، والموت، بلغةٍ عميقة وساخرة.
زياد لم يكن فنانًا فقط، بل حالة فكرية متكاملة، عبّر عن وجع الناس وهمّهم، وساءلهم وواجههم. كانت بيروت تستمع إليه كمن يصغي لضميرٍ ينبض خارج الأطر المعتادة.
باسمه، نعزّي كل لبنان، وخصوصًا السيدة فيروز، العائلة، الأصدقاء، وكل من لمسهم زياد بفنّه أو عبّر عنهم بكلمة.
موقع "يللا اليوم" يتقدّم بأحرّ التعازي، ويرفع الصلاة لراحة نفس هذا العبقري الذي رحل جسدًا، وبقي وجدانًا وأثراً لا يُمحى.
رحل زياد، لكن السؤال الذي طرحه ذات مسرحية يبقى حيًا: "بالنسبة لبكرا... شو؟"
الفرد بارود







تعليقات