top of page

سورين كيركغور: رائد الفلسفة الوجودية

صورة الكاتب: يللا اليوميللا اليوم


سورين كيركغور (Soren Kierkegaard)، الفيلسوف الدنماركي الذي عاش في القرن التاسع عشر، يُعتبر اليوم واحدًا من أبرز المفكرين الذين أسسوا للفلسفة الوجودية، تلك الفلسفة التي تهتم بمسألة الوجود الفردي ومعنى الحياة. وُلد كيركغور في كوبنهاغن عام 1813 لعائلة بروتستانتية متدينة، وكان لتربيته الدينية تأثير كبير على أفكاره الفلسفية لاحقًا. توفي في 11 نوفمبر 1855.

فلسفة كيركغور: بين الإيمان والحرية

ركّزت فلسفة كيركغور على الفردية وأهمية اتخاذ القرارات الشخصية بمعزل عن تأثيرات المجتمع. كان يعتقد أن الحياة ليست مجرد






نظام اجتماعي أو ديني يجب اتباعه، بل هي سلسلة من الاختيارات التي يجب أن يقوم بها الإنسان بناءً على إيمانه الداخلي. وبهذا، صارت الحرية الفردية والاختيار الشخصي محورًا رئيسيًا في فلسفته.

في هذا السياق، قدّم كيركغور رؤيته المميزة للإيمان، حيث اعتبر أن الإيمان بالله ليس شيئًا يمكن الوصول إليه عبر المنطق أو البرهان العقلي، بل هو ما أسماه بـ "قفزة الإيمان". هذه القفزة تتطلب تجاوز الشك والقلق، والاعتماد الكامل على العلاقة الشخصية مع الله.

ثلاث مراحل للحياة

تطورت أفكار كيركغور حول الحياة إلى ما سمّاه بـ "المراحل الثلاث للوجود"، وهي:

  1. المرحلة الجمالية: في هذه المرحلة، يسعى الإنسان وراء المتعة واللذة الحسية، دون أن يولي اهتمامًا كبيرًا للأخلاق أو الدين.

  2. المرحلة الأخلاقية: هنا يبدأ الإنسان بالتحول نحو اتباع القيم الأخلاقية، حيث يصبح الواجب والالتزام الأخلاقي مرشدًا لسلوكه.

  3. المرحلة الدينية: وهي المرحلة التي يصل فيها الإنسان إلى أعلى درجات الوجود، حيث تتشكل العلاقة الشخصية مع الله، ويعيش المؤمن بالإيمان الحقيقي الذي يتطلب تجاوز القلق والشك.

القلق والوجود

رأى كيركغور أن القلق جزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية، واعتبره رد فعل طبيعي على الحرية المطلقة التي يمتلكها الإنسان في اختياراته. هذه الحرية تحمل في طياتها مسؤولية كبيرة، تجعل الإنسان يشعر بالضياع والقلق في مواجهة العالم. لكن كيركغور اعتبر أن هذا القلق ضروري للوصول إلى حالة من الإيمان الأعمق.

الإرث الفلسفي

لم تكن أعمال كيركغور تحظى بالتقدير الكامل في حياته، لكنه اليوم يُعتبر أحد أعظم الفلاسفة الذين ساهموا في تشكيل الفلسفة الوجودية الحديثة. تأثر بفلسفته فلاسفة وجوديون بارزون مثل جان بول سارتر (Jean-Paul Sartre) ومارتن هايدغر (Martin Heidegger)، وكان لأفكاره حول الإيمان والقلق أثر كبير على الفكر الديني في أوروبا.

في الختام، يمكن القول إن سورين كيركغور (Soren Kierkegaard) كان فيلسوفًا سابقًا لعصره، قدّم للعالم نظرة جديدة حول كيفية مواجهة القلق والشك والإيمان. كانت فلسفته بمثابة دعوة لكل فرد للبحث عن معنى وجوده وتشكيل علاقته الشخصية مع الله بعيدًا عن التأثيرات الخارجية.

٠ تعليق

コメント

5つ星のうち0と評価されています。
まだ評価がありません

評価を追加
bottom of page