
وجاء فيه: "بعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع الصراع في سوريا، بات لبنان البلد الأول في العالم من حيث أعلى نسبة تركيز للاجئين والنازحين مقارنة بعدد السكان، وهو يكافح لمواصلة مواكبة هذه الأزمة، من دون أي بوادر في الأفق تنبىء بإحتمال تباطؤ وتيرتها".
وقد أطلق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، نداء استغاثة بقوله: "في يوم إعلان المليون نطلق في آذان المجتمعين العربي والدولي مليون صرخة للتحذير والاستغاثة وتأكيد الشراكة. هذه مناسبة لنداء إنساني وسياسي عنوانه لبنان لا يمكن أن يكون وحيدا".
أضاف: "لا يستطيع الكوب أن يستوعب أكثر من سعته، فلبنان هو الأصغر والأكثر كثافة، فيما كثافة النازحين هي الأعلى، فإن لم يتضافر المجتمع العربي والدولي معنا لتحمل هذا الثقل الاستثنائي فإن المسألة تصبح قنبلة بشرية لا يسلم منها أحد ولا تعترف بحدود الدول".
وقال البيان: "يشكل النازحون السوريون اليوم حوالي ربع مجموع السكان، مع وجود أكثر من 220 نازحا سوريا مقابل كل 1000 نسمة من سكان لبنان".
وبحسب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أنطونيو غوتيريس، "يصعب على أي بلد تحمل تدفق مليون لاجىء، أما في بلد صغير مثل لبنان الذي يعاني من صعوبات داخلية، فالتداعيات هائلة".
وأضاف غوتيريس: "لقد أبدى الشعب اللبناني سخاء لافتا للنظر، إلا أنه يواجه صعوبة في التكيف مع الأزمة، فلبنان يستضيف أكبر تجمع للاجئين والنازحين في التاريخ الحديث. لا يمكننا تركه يرزح بمفرده تحت كاهل هذا العبء".
واشار البيان: "ان عجلة تدفق النازحين تتسارع، ففي نيسان 2012، كان هناك 18000 نازح سوري في لبنان، وبحلول نيسان 2013، كان هناك 356000 نازح، في حين بلغ عدد النازحين في نيسان 2014 المليون شخص، وتقوم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان بتسجيل 2500 نازح جديد يوميا: أي أكثر من شخص واحد في الدقيقة".
وقال: "لقد كان تأثير هذه الأزمة هائلا على لبنان، فقد شهدت البلاد صدمات اقتصادية خطيرة جراء الصراع في سوريا، بما في ذلك تراجع في التجارة والسياحة والاستثمار وزيادة في النفقات العامة. أما الخدمات العامة، فتكافح لتلبية الطلب المتزايد عليها، خاصة مرافق الرعاية الصحية والتعليم والكهرباء والمياه والصرف الصحي".
وبحسب تقديرات البنك الدولي، بلغت تكلفة تداعيات الأزمة السورية 2.5 مليار دولار أميركي في خسائر اقتصادية خلال العام 2013، الأمر الذي يهدد بدفع 170000 شخص لبناني في براثن الفقر بحلول نهاية العام. أما الأجور، فتتجه إلى الهبوط والأسر تكافح من أجل تغطية نفقاتها.
ويشكل الأطفال النازحون نصف مجموع السكان النازحين في لبنان. يتجاوز عدد الأطفال الذين هم في سن المدرسة حاليا ال400000 طفل، أي أكثر من عدد الأطفال اللبنانيين المسجلين في المدارس الرسمية. وقد فتحت هذه المدارس أبوابها لأكثر من 100000 نازح، غير أن القدرة على قبول المزيد من الطلاب محدودة جدا.
وتشعر المجتمعات المحلية بالضغط الناجم عن تدفق النازحين بصورة أكثر مباشرة إذ أن عدد النازحين المقيمين في العديد من المدن والقرى يتجاوز حاليا عدد السكان اللبنانيين. تشهد البنية التحتية حالة انهيار في مختلف أنحاء لبنان، الأمر الذي يؤثر على كل من النازحين والسكان اللبنانيين. فمرافق الصرف الصحي وإدارة النفايات تعاني من ضعف شديد، أما المستوصفات والمستشفيات، فتتحمل ما يفوق طاقتها وثمة استنزاف لإمدادات المياه. كما تشهد الأجور انخفاضا بسبب زيادة العرض من اليد العاملة. وثمة إقرار متزايد بحاجة لبنان إلى دعم إنمائي طويل الأجل من أجل مواجهة الأزمة.
وأشار السيد غوتيريس إلى أن "مستوى الدعم الدولي للمؤسسات الحكومية والمجتمعات المحلية، على الرغم من تزايده البطيء، غير متكافئ على الإطلاق مع الاحتياجات. إن تقديم الدعم إلى لبنان ليس فقط واجبا أخلاقيا، وإنما هو أيضا حاجة ماسة لوقف تزعزع السلام والأمن في هذا المجتمع الهش، لا بل في المنطقة بأسرها."
بحسب الوزير رشيد درباس، "إن هذا النزوح يستهلك القسم الأكبر من طاقات الدولة وخصوصا من النواحي الأمنية والتربوية والضغط الاقتصادي والصحي وتأمين الطاقة ومشاكل السكن. في الوقت الذي تقول دراسة الدولة اللبنانية أن الأضرار الاقتصادية على البلد تفوق ال7.5 مليار دولار أميركي. لهذا فإننا نعول على المؤتمرات التي عقدت وستعقد من أجل دعم المجتمع اللبناني ليتمكن من الاستمرار في دعم النازحين".
وعلى الرغم من تفاقم حجم حالة الطوارىء الإنسانية والعواقب الوخيمة على لبنان، لم يتم تمويل سوى 13% من النداء الإنساني.
وتكافح وكالات الإغاثة من أجل ترتيب الأولويات بين احتياجات هي متساوية في الأصل من حيث الإلحاح والضرورة وتوجيه المساعدة في المقام الأول إلى الفئات الأكثر ضعفا بين سكان محتاجين. يمكن لمحدودية تمويل المساعدات الإنسانية، المقرونة بالاستنزاف المستمر لاحتياطات النازحين الخاصة، أن تؤدي إلى عواقب وخيمة. هناك عدد متزايد من النازحين العاجزين عن تحمل تكاليف أو العثور على مسكن مناسب فيلجأون إلى مساكن غير آمنة مثل الخيام والكاراجات وحظائر الحيوانات. ثمة 80000 نازح بحاجة ماسة إلى المساعدات الصحية. ويتلقى أكثر من 650000 نازح مساعدات غذائية شهرية للتمكن من البقاء على قيد الحياة.
والغالبية العظمى من الأطفال متسربون من المدارس العديد منهم يعملون، ويمكن تزويج الفتيات بعمر صغير، كما أن الآفاق لمستقبل أفضل تنحسر كلما طالت فترة تسربهم من المدرسة.
وأشارت ممثلة مكتب المفوضية في لبنان نينات كيلي، إلى أن "أطفال اليوم هم مستقبل سوريا، فلا بد لنا من ضمان اكتسابهم المهارات اللازمة لمواجهة التحديات الهائلة التي سيصطدمون بها في السنوات المقبلة".
لقد اضطلعت الدولة اللبنانية والمفوضية ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة باستجابة لم يسبق لها مثيل، مع استهداف كل من النازحين والمجتمعات المضيفة اللبنانية. وفي أواخر العام الماضي، تم توجيه نداء تمويل مشترك بقيمة 1,89 مليار دولار أميركي للعام 2014، إلا أنه لم يتم تمويل سوى 242 مليون دولار أميركي حتى هذا التاريخ.
وبحسب كيلي "تواجه المجتمعات اللبنانية ضغوطا متزايدة وتصاعدا في حدة التوترات. غير أن الأماكن المخصصة لنقل النازحين إلى بلدان ثالثة أكثر ثراء لا تزال محدودة ولا يزال نداء التمويل يعاني من نقص يرثى له. تقتضي أخلاقنا وواقعيتنا منا بذل المزيد من الجهود".