
يتعظ أصحاب العقول الراجحة من مصائب الربيع العربي. فأولو الالباب هم الذين من المفترض أنهم يتعلمون من تجارب الآخرين, فلم يدخل البلاء العربي بلداً عربياً حتى حوله إلى ما يشابه ساحة معركة دائمة بين من كانوا في الأمس القريب أبناء مجتمع ووطن واحد. وهكذا تتدحرج أيام الربيع العربي, اضطرابات اجتماعية مستمرة, وتفاقم لكراهية وتناحس متبادل بين هم من المفترض أنهم
يصعب تخيل أن يتعظ البعض, وباختيارهم, من دروس وتجارب وبلاء ومصائب الربيع العربي. ولكن ما حدث قبل الربيع وفجائية أحداثه وتسارع بعض قلاقله الجهنمية من المفترض أن تنبه ذوي العقول الراجحة على التعامل المسبق مع المشكلات والتحديات التي رسخت أرضية محلية قبلت بمقامرة الربيع العربي ليس ثمة مؤامرة كونية تدفع الربيع العربي وتقحمه في شؤون الدول والمجتمعات, فالبلاء غالبه داخلي, الإنسان الذكي هو من سيحاول القضاء على البلاء الداخلي قبل أن يتفاقم. فمن يرد فعلاً اتقاء شرور الربيع العربي فعليه أن يفكر جيداً حول تلك القضايا والأمور والأوضاع المعوجة كانتشار خطابات الكراهية والفساد والتي شجعت البعض على الترحيب قسراً بالربيع العربي, مع علمهم بأنه ربما سيجلب الدمار لمجتمعاتهم. فحين يصل بعض الناس لمراحل يائسة في حياتهم بسبب الغلاء المعيشي الجهنمي, أو بسبب الفقر المدقع, أو بسبب القهر, ومحاولة السطوة على مصائرهم وحرياتهم الشخصية, أو بسبب تحكم المحسوبية بحاضرهم وبمستقبلهم, فربما سيرحبون بأي أمر يظنون أنه سيحررهم من ما يتخيلونها أنكال قهر وضيم وتفرقة اجتماعية, والتي عاناها بعضهم لسنين طويلة ولا يزالون: العاقل هو من يتعامل بشكل حاسم وحازم مع كل أمر أو ظاهرة ترسخ التباغض والخصومة والكراهية المتبادلة في مجتمعه الوطني.
كاتب كويتي -