
حضر اللقاء سفراء: الفاتيكان، فرنسا، النمسا، تشيلي، الصين، المكسيك، مصر، العراق، الهند، باراغواي، الفيليبين، سويسرا، رومانيا، تركيا وأوكرانيا، رئيسة الجامعة هيام صقر ونواب الرئيس والعمداء ورؤساء الأقسام ومجموعة من الطلاب.
بعد ترحيب من صقر، استهل الراعي محاضرته مفصلا مواصفات الدولة ومقتضياتها وعناصر استكمالها وأبعادها، مركزا على "حياد لبنان وخصوصية هذا الحياد الميثاقية ونموذجه الفريد في العيش المشترك". وقال: "لبنان الدولة المدنية ذو أبعاد عربية ومتوسطية، وهي بحاجة إلى استكمال". وقال: "لبنان دولة مدنية من خلال حكم الميثاق الوطني والمادة 9 من الدستور. ومواصفات هذه الدولة: دولة غير دينية، سلطتها من الشعب لا من الدين، وهي قائمة على حقوق الإنسان والحريات العامة، تساوي في الحقوق والواجبات بحكم المواطنة لا الدين. وفيها تمايز واستقلالية وتعاون بين الدولة والدين، ديمقراطية توافقية لا عددية، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وتحترم جميع الأديان".
اضاف:" دولة مدنية تحتاج إلى مقتضيات استكمال تتمثل في إنهاء النزاع من أجل السلطة بين الطوائف، وفي فرض القانون لحماية المواطن حتى لا يضطر إلى اللجوء إلى حزبه أو زعيمه. كما هي بحاجة إلى وجود رجال دولة بالإضافة إلى رجال دين، بعيدا عن المصالح الشخصية. والدولة المدنية هي دولة لا مسيحية ولا إسلامية، مع الاحتفاظ بواجب الطوائف تجاه الدولة وواجب الدولة تجاه الطوائف. دولة حيادية تتصرف من دون أن تكون ملونة بطائفة معينة ولا مرتبطة بدولة. لا لتسييس الدين ولا لتديين السياسة".
وعدد عناصر الاستكمال فقال: اما عناصر استكمال هذه الدولة فتبدأ بتطبيق الدستور وتفعيل المؤسسات والحد من تدخل السياسيين في الإدارة، فالدستور هو دولة مدنية لكنه لا يطبق كما يجب، وتطبيقه بحاجة إلى الحد من التدخل المذهبي في الإدارة والسياسة. والأهم هو التربية على الولاء للوطن لا للدين والطائفة والزعيم. الولاء الديني والسياسي يجب ان يكون في خدمة الوطن. الصيغة اللبنانية جسدت العيش المشترك في دولة مدنية تقوم على المشاركة والإنصاف في الحكم والإدارة، هذه هي الصيغة. الميثاق هو العيش معا، بعكس ما يجري في العالم العربي في أحادية الدين، الصيغة تشوه عندما يكون الولاء للدين والطائفة".
ولفت الراعي إلى عنصرين آخرين في استكمال الدولة هما: مركزية قوية ولامركزية موسعة".
وقال: "أبعاد الدولة المدنية عربيا ومتوسطيا: "لبنان له دور استقراري، ويجب أن يكون عنصر سلام واستقرار من حيث تكوينه الجيوبوليتيكي. نظام ديمقراطي يحفظ كل الحريات وحقوق الإنسان. الديمقراطية في التجربة اللبنانية يجب أن تعمم، فلبنان يحمل بعد التعددية في الوحدة، والعولمة تقتضي التعددية. الديمقراطية في النظام من حيث تداول السلطة واحترام الحريات، حرية الرأي والمعتقد والعبادة. فلبنان لديه دور على مستوى السلام والعدالة وهذا يقتضي أن يكون بعيدا عن الصراعات الإقليمية، من دون الاستغناء عن دوره في القضايا العربية. فموقعه جعل منه احدى منارات هذه الضفة الشرقية والمنطلق لإحدى أهم الحضارات كما قال قداسة البابا يوحنا بولس الثاني".
وشدد على "أهمية حياد لبنان بحكم خصوصيته الميثاقية أي لا شرق ولا غرب، ونموذجية عيشه المشترك أي الصيغة اللبنانية". وأضاف: "تكمن أهمية حياد لبنان بالنسبة إليه وإلى المنطقة، في أن حياده هو حاجة للمنطقة. لذلك يجب تحييده عن المحاور الإقليمية والدولية لكي يستمر في دوره ورسالته. فهو جسر بين الشرق والغرب على المستوى الثقافي والحضاري والاقتصادي والاجتماعي، وهو ملتزم بقضايا الضفة الشرقية للمتوسط. القضايا الكبيرة والكثيرة منها التصدي للارهاب وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وجعل أوروبا أكثر ارتباطا بالعالم العربي من خلال حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، والعربي - الاسرائيلي".
وقال: "عندما يدخل لبنان في الصراعات الإقليمية يفقد ميزة الدولة المدنية، ومقوماتها ان يكون لبنان حياديا".
وعن خصوصية لبنان الميثاقية، قال: "لا للشرق ولا للغرب، لا للأحادية الدينية ولا للتبعية لأي بلد عربي، ولا للعلمنة الغربية ولا للدولة المدنية على الطريقة الأجنبية. لبنان بلد حيادي لا يمكن أن يكون تابعا لأي دولة أخرى، ولا يستطيع أن يدخل صراعات لا مع العالم العربي ولا مع الغرب، حتى يبقى الواحة والرئة التي تشكل حاجة للمحيط والعالم العربي، فكما قال الملك السعودي الراحل خالد بن عبد العزيز: إذا كان لبنان غير موجود فيجب أن نوجده. لبنان يجب أن يكون خارج أي صراع وخصوصا في سوريا، مقوماته البشرية والجغرافية والاقتصادية لا تسمح له بأن يكون في هذا الصراع، لأننا نحن من يدفع الثمن".
وأجاب الراعي على اسئلة السفراء المشاركين حول موضوع المحاضرة، وقال تعليقا على قضية التهجم على رئيس الجمهورية: "إتخذنا موقفا من ذلك في مجلس المطارنة ولم ندخل في مضمون ما قاله الرئيس. قلنا إنه لا يجوز التعرض لكرامة شخص الرئيس، إذا كان أعلن رأيه في محاضرة ولم تكن أنت من رأيه، فنحن في بلد ديمقراطي، تستطيع القول، يا فخامة الرئيس هذه وجهة نظرنا. أما أن نطعن في شخصه ونطلق اتهامات، فإنني أرفض كلبناني هذا الشكل من الانتقاد لرأس الدولة. رئيس الجمهورية هو رأس الدولة وعندما تهينه تهينني أنا أيضا. نحن مع حرية الرأي ونرفض إهانة شخص الرئيس، إن حرية التعبير وحرية الصحافة لا تتيحان إنتهاك الكرامة".
ref:nna