
وحضر القداس، وزير الدولة في حكومة تصريف الاعمال نقولا فتوش، رئيس كتلة نواب زحلة الدكتور طوني ابو خاطر، النواب: ايلي ماروني، عاصم عراجي، انطوان سعد، جمال الجراح، زياد القادري، شانت جنجنيان، رئيس "الكتلة الشعبية" الوزير السابق ايلي سكاف، الوزير والنائب السابق المستشار الرئاسي خليل الهراوي، النائبان السابقان سليم عون، وحسن يعقوب، قائد منطقة البقاع الاقليمية في قوى الامن الداخلي العقيد جورج حداد، مدير فرع جهاز أمن الدولة في البقاع العميد فادي حداد، رئيس دائرة الامن العام الاولى في البقاع العقيد جوزف تومية، رئيس بلدية زحلة- معلقة المهندس جوزف دياب المعلوف، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في زحلة والبقاع ادمون جريصاتي، وحشد غفير من الفاعليات والاهالي.
بعد الانجيل المقدس، ألقى المطران حبيقة عظة العيد، فقال: "سيرة مار مارون وصيرورة لبنان مترادفتان، لان المارونية فعل إيمان وصمود وإبداع، وكذلك لبنان الوطن الصغير برفعته الكبير بدوره، وما دام الموارنة يعيشون القيم التي عاشها قديسهم واللبنانيون محافظين على قيمهم المميزة، فلا خوف عليهم ولا على الوطن".
أضاف "والمناسبة التي نحييها في زحلة والبقاع، بكل مضامينها، روحانية انجيلية عميقة الجذور، تعيدنا الى جوهر هويتنا وتاريخنا، في لبنان والشرق وعالم الانتشار، حيث للموارنة والكنيسة المارونية حضور فاعل يمتد على 16 قرنا على الاقل، وانطلاقا من هذه الحقائق الراسخة في إيماننا وروحانيتنا وحضارتنا عبر التاريخ، أريد ان اؤكد ان المارونية والحرية توأمان، ما انفصلا ابدا، وعلى اننا مدعوون، رغم كل ما نعانيه، من محن سياسية وأمنية واقتصادية، للعودة الى قيمنا وأخلاقنا، والانفتاح بقوة وشجاعة على محيطنا القريب والبعيد، متحررين من الخوف والتشرذم والتبعية بكل أشكالها، والمتاعب التي نعيش يفترض ان تحفزنا على التأمل العقلاني الهادىء في أحوالنا وأحوال المنطقة".
ورأى أنه "في هذا التأمل تبرز الحقائق التالية: ان الاولويات الملحة التي تفرض نفسها في هذه المرحلة من تاريخ لبنان باتت معروفة، وتشكيل حكومة إنقاذية جامعة تغلب مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح فردية وفئوية، داخلية وخارجية، والتهيئة للاستحقاقات الدستورية الداهمة، واختيار رئيس قادر، وانتخاب برلمان يتمتع بصفة تمثيلية حقيقية، ومعالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والادارية المتردية، واحتواء مشكلة النازحين والمهجرين، وضبط الأمن ودرء الفتنة، ولا بد من التأكيد على ضرورة الإسراع في إعادة التواصل وتفعيل الشراكة بين مكونات الوطن، الروحية والاجتماعية والسياسية، وتغليب الانفتاح على الانغلاق والتشنج والتفاهم على الاحقاد.
وقال: "أكثر من أي يوم، نحن مدعوون لإعادة الحرارة الى أوصال الوطن. وفي هذا اشرق المتألم علينا ان نشهد لأصالتنا وإيماننا وتسامحنا، قبل ان نتحول الى ورقة في مهب العصبيات والعنصريات. ان ما خبرناه من مآس طوال الربع الأخير من القرن الفائت، وما نعيشه من انهيارات في السنوات الاخيرة، وما عرفناه من محن على امتداد تاريخنا القريب والبعيد، مأساة آن لها ان تنتهي. والموارنة قبل غيرهم، مدعوون الى النهوض بأنفسهم وبالوطن. كل هذا لا يعني ان لبنان جزيرة مغلقة.ان لبنان ليس ذلك الشيء الآخر البعيد عن هموم جيرانه والمنطقة. ان التداخل بين لبنان ومحيطه الجيوسياسي طبيعي، بل انه في صميم دوره التاريخي، هذا التداخل يزيد من حجم التحديات وما تعرض ويتعرض له المسيحيون في العراق ومصر وسوريا يفترض ألا يحبط إيماننا الراسخ بلبنان ودور المسيحيين والموارنة في ترسيخ هويته كوطن ورسالة".
أضاف "لا بأس هنا بالتذكير بعبارات بالغة الدلالة لجبران خليل جبران، في المسيحية كما في الاسلام "أنا أجل القرآن لكنني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لإحباط مساعي المسلمين، تماما كما أزدري الذين يتخذون من الانجيل وسيلة للتحكم برقاب المسيحيين"، ويضيف "ان لم يقم من ينصر الاسلام على عدوه الداخلي، فلن ينقضي هذا الجيل الا والشرق في جحيم الموت والفوضى والعنصرية"، معتبرا أن "كلام جبران، قبل مئة سنة، ينطبق على المأساة التي تعيشها معظم بلدان المنطقة، في المشرق كما في المغرب، حيث الصراع مفتوح والارهاب السياسي والأمني يتمدد على أجزاء واسعة من المساحة العربية. والمتشددون يعملون باسم الاسلام على فرض ايديولوجيتهم في كل مكان، حتى في لبنان، وصعودهم محفوف بالمخاطر لان كل تعصب يولد تعصبا آخر في مواجهته، والظاهرة هنا تدميرية".
واشار إلى أن "في مواجهة هذا الاعصار، على صعيد عام، وفي مواجهةالفوضى والفلتان الأمني وتدمير البيئة، وتهديد العائلة بالتفكك، وانتشار الادمان، وعجز الاهل عن حماية أولادهم منه، وتراجع القوانين، في بعض البلدان الأكثر نموا، عن حماية العائلة ومكافحة المخدرات، لا بد من التمسك بالقيم الصحيحة، على غرار مار مارون الناسك".
وختم "ما يطمئننا هو ان لبنان، بفضل نخبه الفكرية والسياسية المستنيرة بالقيم الدينية والانسانية الصحيحة، وانتم جميعكم منهم، ما زال قادرا على النهوض الذاتي، وانه لم يبلغ بعد مرحلة العيش في العراء".
REF:Wataniya