فيما عدا ذلك، بقيت الصورة اللبنانية بعد عيد الاضحى على حالها، فتستانف الاتصالات بحثا عن حل للملف الحكومي بانتظار بلورة نتائج موجة الانفتاح الاقليمي والدولي وانعكاسها على لبنان.
وبالعودة الى تفاصيل ملف المخطوفين فقد رافق وزير الخارجية القطري خالد العطية شخصيا من تركيا المراحل الأخيرة من إنجاز "الصفقة" مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم ومسؤولين أتراك. إلا أن عراقيل مفاجئة وصفت بأنها "لوجستية وتقنية" أخرت عملية تنفيذ الإتفاق، وتعددت الأسباب التي ساقتها المصادر المواكبة، إذ قيل إن السلطات السورية تأخرت في عملية إطلاق السجينات ال130 اللواتي طالب بهن خاطفو اللبنانيين ، في حين أصرت السلطات التركية على التزامن بين إنطلاق الطائرات الثلاث، من مطار الرئيس رفيق الحريري ناقلة الطيارين التركيين، ومن مطار صبيحة في تركيا ناقلة مخطوفي أعزاز سابقا ومعهم اللواء ابرهيم، ومن مطار في سوريا ناقلة ما بين 100 و112 سجينة سورية سابقة اشترط الخاطفون في سوريا إطلاقهن.
وتردد أن خاطفي الطيارين التركيين اشترطوا قبيل انطلاق طائرة الطيارين التركيين من بيروت، في حضور وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، إطلاق الموقوفين في سجن رومية بتهمة المشاركة في خطفهما، مما ساهم في تأخير انطلاق الطائرات الثلاث حتى التاسعة وخمس دقائق. ولوحظ أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر واكب عملية إطلاق الطيارين اللذين نقلتهم مروحية عسكرية من مطار رياق العسكري إلى بيروت، مما أوحى لسياسيين متابعين أن ثمة مخارج قانونية للملاحقات في ملف خطفهما.
على خط مواز، قام عدد من الأهالي قبل ظهر الأحد بقطع الطريق في مشاريع القاع احتجاجاً على إقدام قوة تابعة للجيش السوري على تفجير 5 منازل خالية تعود ملكيتها الى لبنانيين من آل الرابي وآل الأطرش عند الحدود اللبنانية السورية في المنطقة. كما وسقطت، مساء الجمعة، ست قذائف على بلدة العبودية الحدودية اللبنانية نتيجة اشتباكات دائرة على الجانب السوري، فيما قطع الأهالي في البلدة الطريق الدولية فيها احتجاجاً على إطلاق نيران تعرضت له البلدة من الجانب السوري.
ولأن الامن سياسي في الدرجة الاولى، فمن غير المستبعد ان تؤدي عودة المخاوف من السيارات المفخخة بعد تعطيل واحدة منها قبل انفجارها في الضاحية الجنوبية لبيروت، الى مضاعفة الجهود من اجل قيام حكومة جديدة تكون مهمّتها الحدّ من الاضطراب السياسي والأمني والاقتصادي، وتهيئة المناخ للانتخابات الرئاسية بعد نحو ستة أشهر عبر فتْح قنوات الحوار بين المعسكريْن المتناحريْن (8 و14 آذار) للتفاهم على انتخاب رئيس جديد او التمديد للرئيس الحالي ميشال سليمان.
واعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه في بيان انه "إلحاقا لبيانها السابق المتعلق بضبط قوى الجيش، يوم أمس، سيارة مفخخة نوع "غراند شيروكي"، في محلة المعمورة - الضاحية الجنوبية، وذلك اثر قيام مديرية المخابرات برصد جهات مشبوهة تسعى إلى تنفيذ عمليات تفجير، تم نقل السيارة المذكورة إلى مكان آمن، وقام الخبير العسكري المختص بتعطيل العبوة وتفكيك محتوياتها، حيث تبين أنها تزن حوالى 50 كلغ من المواد المتفجرة، وهي عبارة عن 3 ألغام و6 قنابل عنقودية جميعها مضادة للآليات، وكمية من مادة ال "تي.ان.تي" وحوالى 20 كلغ من بودرة الألومينيوم المقوى بمادة الكبريت الأصفر والصواعق الكهربائية، بالإضافة إلى شبكة من الفتيل الصاعق طول 22 مترا موصولة إلى أقسام العبوة المتوزعة في عدة أماكن من السيارة، وتبين أن السيارة المذكورة قد بيعت سابقا لعدة أشخاص".
واضاف البيان ان "التحقيقات متواصلة بإشراف القضاء المختص لكشف المتورطين في هذا العمل الإجرامي، وتدعو هذه القيادة مجددا المواطنين في مختلف المناطق اللبنانية إلى الإبلاغ الفوري عن أي حالة مشبوهة حفاظا على أمنهم وسلامتهم".
وفي التحركات السياسية، برز لقاء عين التينة بين الرئيس بري ورئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة، وتناول البحث بحسب مصادرهما مبادرة الرئيس بري الحوارية وعملية تشكيل الحكومة والصعوبات التي تعترضها والجلسة النيابية التي ستنعقد الثلثاء المقبل لانتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان.
وتبعاً لذلك، تترقب بيروت ما يمكن ان تحمله على صعيد استكمال محاولات «تدوير زوايا» صيغ حكومية، وتم وضع عيد الاستقلال في 22 نوفمبر المقبل كـ «مهلة حثّ» لاعتماد إحداها، وسط «دفن» تشكيلة «الثلاث ثمانيات» التي كانت تقوم على حصول كل من فريقيْ 8 و14 آذار والوسطيين (الرئيسان ميشل سليمان وتمام وسلام والنائب وليد جنبلاط) على 8 وزراء اي من دون ثلث معطّل لأي طرف بعدما تولى النائب جنبلاط الإجهاز على هذه الصيغة التي لا تمانعها 14 آذار قبل ان يندفع لتأييد صيغة 9-9-6 التي تمنح فريقيْ الصراع الثلث المعطّل وهي التركيبة التي تريدها «8 آذار» ويتمسك فريق الرابع عشر من آذار برفضها.
الى ذلك، أحيا اللبنانيون ومؤسسة قوى الامن الداخلي الذكرى الاولى لاغتيال اللواء وسام الحسن في سلسلة محطات تنقلت بين مكان وقوع الانفجار في الاشرفية وبلدته بتوراتيج ومقر المديرية العامة لقوى الامن حيث اقيم احتفال مركزي مثل فيه الوزير شربل رئيسي الجمهورية والحكومة، حيث أكد ان عيون شعبة "المعلومات" مفتوحة على وسعها داخل المناطق كافة، وشدد على ان اغتيال ضباطها وعناصرها او الصاق تهم التطييف غير الواقعية بهم لا يمكن ان يغتال المؤسسة.
وفي إحياء للذكرى في "البيال" دعت إليه "مؤسسة اللواء وسام الحسن الخيرية الإجتماعية" لفت تشدد في كلمات نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب نهاد المشنوق واللواء أشرف ريفي ، ولا سيما في كلمة الرئيس سعد الحريري التي ألقاها الأمين العام لـ"تيار المستقبل" أحمد الحريري، وجاء فيها:"يطالبون بالثلث، لأنه معطل، ويتمسكون بالثلاثية، اي الجيش والشعب والمقاومة، لأنها تقوض بنيان الدولة، وعينهم على المثالثة لأنها تنسف المناصفة. لكن تيار "المستقبل" لن يقبل بالثلث المعطل، ولن يسمح بتكريس ثلاثية الخراب، ولن يترك لهم بالتأكيد فرصة المثالثة، لأن المناصفة سر لبنان".
على صعيد اخر، بدا غريبا ما يحصل بين الأمانة اللبنانية والأمانة السورية في مشاريع القاع ، المنطقة تتبدل معالمها بين يوم وآخر، ورش البناء المخالفة للقانون تنتشر بسرعة قياسية على طول الطريق ، والعمل لا يتوقف ليلا وبعض الورش جهزت نفسها لانجاز السقف بسرعة.
امام هذا الواقع، نفذ عشرات من ابناء القاع اعتصاما رمزيا امام كنيسة مار الياس وسط البلدة، قطع خلاله الطريق لبعض الوقت وسط اجراءات لقوى الامن الداخلي، احتجاجا على اعمال البناء المخالفة.
وأكد المعتصمون الاستمرار بالتحرك ومنع شتى اعمال البناء المخالف على اراضي القاع وازالتها، محذرين من الذهاب الى خطوات تصعيدية ابعد بكثير، رغم النصائح التي اتتنا من مراجع روحية كبيرة في الوطن لالغاء الاعتصام والتحركات، المفترض بهم التحرك بسرعة والقيام بواجباتهم وعدم القاء المسؤوليات على احد سواهم.
وسط هذه الاجواء، إستمرت في بيروت "التفاعلات المكتومة" للحادث الأمني الذي شهدته منطقة الطريق الجديدة في العاصمة اللبنانية إثر إشكال وقع بين شبان من المنطقة التي تدين بغالبيتها بالولاء لـ"تيار المستقبل" الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وأحد الناشطين في "سرايا المقاومة" (تشكيل عسكري تابع لـ"حزب الله") ويدعى سعيد شملة الملقب بـ"ابو علي".
ووقع الإشكال، الذي تطور الى اشتباك محدود، على خلفية ظهور "ابو علي"، حاملاً سلاحه في العلن في خطبة عيد الأضحى بجانب مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في جامع محمد الأمين في وسط بيروت، قبل ان يعود الى الطريق الجديدة وسلاحه ظاهر، ما استفزّ الأهالي فحصل تلاسن تطور الى تبادُل إطلاق نار بين الطرفين تخلله رمي قنابل يدوية وتطويق لمنزل شملة من قبل عشرات المسلّحين من هذه المنطقة المحسوبة على "تيار المستقبل"، قبل ان يتدخل الجيش اللبناني، الذي اوقف شملة ونجله وثلاثة من المتورطين في الحادث.
وذكر ان الجيش تدخل بناء لطلب من المفتي قباني في اتصال اجراه مع قائده العماد جان قهوجي، سلّم شملة الى فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، وهو موجود الآن في ثكنة الحلو".
واشارت معلومات الى ان "مسارعة الجيش للتدخل وتطويق الاشتباك قطع الطريق على "تصعيد كبير" بعدما قام نحو 300 عنصر من "سرايا المقاومة" بقطع طريق كورنيش المزرعة والطريق الجديدة تمهيداً لـ "التدخل" لفك الحصار عن "ابو علي".
واعلنت مصادر في "سرايا المقاومة" ان "نحو 150 من عناصرها في الطريق الجديدة كانوا تحركوا على عجل لـ "رد الصاع صاعين"، انسجاماً مع قرار بعدم التهاون مع اي اعتداء على أنصارها". ولفتت الى ان "التحرك من داخل الطريق الجديدة للسرايا وقطع طريقي المزرعة والمدينة الرياضية، دفع الجيش لتدارك الامر، والتدخل بعدما ادرك ان "الامور قد تذهب الى تصعيد كبير".