طبعاً قلة من اللبنانيّين تذكر هذا الخبر لأنّ الإعلام لم يكن في تلك الفترة "جائعاً" ومفتقداً لأبسط حسّ أخلاقي أو انساني، ولم يكن لأيادي الشيطان منبر تطلّ من خلاله بفجورها وعهرها على الناس.
فوسط كل ما يشهده لبنان من مشاكل في الامن والاقتصاد واللجوء، ومع كلّ ما تشهده المنطقة من تطورات، ارادوا ان يكون منصور لبكي خبرهم الاول. خبر مشوّه غاب عنه رأي المتهم أو محاميه أو مقرّب منه في عالم سقطت فيه المحرمات.
أدان الإعلام لبكي بدل أن ينتقد عدالة ناقصة سوّقت لحكم أرعن ليس بحقّ المونسنيور بل بحقّ كنيسة كاملة، بحقّ ثقافة وتاريخ خطّه بعناية كبيرة منصور لبكي فأدخل المارونيّة الى كلّ بيوت مسيحيي الشرق في لبنان والمحيط.
كثرٌ هم الذين شاركوا في جلد الاب الصامت حتى الآن، كثر سكروا ورقصوا فرحاً واحتفالاً بمسمار آخر طعنوه بحقدٍ دفين في نعش المسيحيين من لبنان الى الشرق، وكثر هم اولئك الحريصون على الكنيسة الذين يدعون محبتهم والتفافهم حولها لتنقيتها، بينما هم ينتظرون فريسة خلف جدران حقدهم لينقضوا عليها غير آبهين بقيم أو بدين.
لكن، وكما في كلّ مرة تضيق بنا الدنيا من الانتهازيّين ومقتنصي الفرص، ننظر الى كرسي بطرس، الى الصرح الشاهد على الحق والحقيقة منذ قرون، الى غبطتكم يا ابانا، الى البطريرك الذي لن يقبل حتماً أن يُمسّ جسد الكنيسة بأذى وأن تطاول سهام الحقد، داخل لبنان وخارجه، الكنيسة التي يمثل الاب لبكي الكثير الكثير من وجودها وانتشارها ووجدانها.
وحيداً، مع بعض الرسل، صلّى السيّد المسيح قبل الآلام المقدّسة. تركوه جميع الذين علّمهم وشفاهم وأحياهم، ومضى ليعيش جلجلةً احيا بعدها كنيسة كاملة تقرع اجراسها فرحاً وانتصاراً في كلّ يوم في اصقاع الدنيا كلّها. واليوم يصلّي الاب منصور لبكي في ذلك الدير الصامت ومعه كثير من ابنائه في لبنان وبلدان عدّة. كثر يصلّون ممّن عرفوه وجهاً لوجه ومن الذين لم يعرفونه الا كلمةً ولحناً رافقت قداديسهم ورنّموها في طريقهم ليتناولوا جسد الربّ!