
ان هذا العمل ، خططت له الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها الأوروبيين لنسف التوازن الإستراتيجي الذي عمل به بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، و نتيجة هذا العمل ، تفردت اميركا كقوة عالمية و حيدة.
و بنهاية الحرب الإيرانية - العراقية رأت اميركا ، ان العراق اصبح قوة عسكرية وحيدة في الشرق الأوسط ، يمكنها ان تؤثر على محيطها ، و خاصة دولة اسرائيل فخلقت لها مشكلة مع دولة الكويت ، التي طالبتها بدفع الديون المستحقة عليها و قيمتها 14 مليار دولاراً ، و كانت ردة فعل الرئيس صدام حسين بإجتياح الكويت .
و إثر ذلك تحركت الولايات المتحدة الأميركية في سنة 1991 و حشدت قواتها العسكرية ، مع قوات حليفة و لكنها رمزية ، و اخرجت القوات العراقية بعملية عسكرية غير متكافئة بسبب التفوق الجوي ، و سميت العملية بحرب الخليج الأولى.
ان نجاح اميركا في هذه الحرب كان بسبب انهيار الإتحاد السوفياتي ، و في مجال آخر حركت اميركا عملاءها في البوسنة و الهرسك بحجة طائفية ، و خلقت مشكلة استقلال هؤلاء عن صربيا ، و التي كانت من اهم دول البلقان عسكرياً ، و كلفت قوات الناتو و كرواتيا بإعلان الحرب على صربيا سنة 1992.
إنتهت الحرب في 14-12-1995 بتوقيع اتفاقية "دايتون" التي نصت على تقسيم يوغوسلافيا ، و انفصال البوسنة و الهرسك عنها ، و وضعت مراقبة دولية لتطبيق الإتفاقية المذكورة.
بعد قيام الثورة البولشيفية سنة 1917 ، وقعت روسيا سنة 1922 معاهدة اتحادية مع روسيا البيضاء و اوكرانيا و القوقاز ، و هذه المناطق كانت نواة الإتحاد السوفياتي الذي اعلن في سنة 1944 و ضم خمسة عشر جمهورية بمساحة 22 مليون كلم2 .
اما جمهورية اوكرانيا ، التي تعتبر الشريان الحيوي لروسيا الإتحادية في اتصالها بمنطقة البلقان فهي دولة زراعية تنتج ¾ كمية السكر التي تحتاجها روسيا ، و ثلث كمية الفولاذ ، و نصف كمية الحديد.
و بالنسبة للدولة اليوغوسلافية فهي مرتبطة بحلف مع روسيا منذ سنة 1938 ، و قد تم بتاريخ 8-12-1999 التوقيع على معاهدة اتحاد الدول السلافية من قبل روسيا و بيلاروسيا، و يوغوسلافيا.
ان دخول اميركا في الحرب العالمية الثانية جاء متأخراً ، كي تنهك الدول الأوروبية التي تنافسها ، خاصة في منطقة الشرق الأوسط ، فأخرجت بريطانيا و فرنسا من اللعبة السياسية ، و وجهت الجيش لإستلام السلطة في المشرق العربي ، مستثنية منطقة الخليج العربي الغنية ، و وقعت معاهدة مع المملكة العربية السعودية ، و ابقت حماية الكويت و الإمارات الأخرى في عهدة بريطانيا.
اعتبرت اميركا نفسها شرطي العالم ، فنشرت 130 قاعدة عسكرية في جميع القارات ، و تدخلت في شؤون الدول الخاص و العام من اميركا اللاتينية وصولاً الى روسيا و الصين و اليابان و فيتنام و الكورييتين ، و الحقت دول اوروبا الغربية بها وهي العريقة بالسياسة و كيفية التعاطي مع الدول ، و انزعجت من إنبعاث روسيا الإتحادية التي ستشكل القوة العظمى المناهضة لها.
منذ الثلث الأول من القرن التاسع عشر ، و في زمن القياصرة في روسيا ، كان لدى هذه الأخيرة مشكلة مع الغرب الأوروبي ، و خاصة بريطانيا و فرنسا حول مشكلة القرم ، التي كانت تحت الإحتلال العثماني من ضمن منطقة البلقان، فقامت روسيا بمهاجمة القوات العثمانية لإخراجها من هذه المنطقة ، فوقفت بريطانيا و فرنسا و النمسا مع الدولة العثمانية لمنع الروس من الوصول الى المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط. ان حرب القرم كانت و ستبقى متصلة بالمسالة الشرقية المتعلقة بالنفوذ و المصالح الدولية ، و بالسيطرة على منابع و خطوط النفط و الغاز في الشرق الأوسط و المغرب العربي