
ماتت مع البيان الوزاري الأخير.
أصلاً كان يجب أن تموت، ثلاثية غير واقعية وقد خدمت عسكريتها.
لم تتماشى مع الواقع اللبناني الحقيقي مئة بالمئة.
لكنها في مكان ما كانت ضرورية.
اليوم إذا نظرنا الى الواقع اللبناني وليس الى التمنيات أو النظريات، ويجب علينا أن نكون واقعيين إذا نحن نريد بلداً قوياً. فالواقع غير البرامج الطنانة التي تحرك المشاعر وأحياناً الغرائز. وهذا الأمر نجيده جميعاً وبشكل محترف! والبعض أي بعض الأحزاب تعيشه كخبزها اليومي وستظل تعيشه لبعدها عن الواقع ولكونها إذا بقيت فهي بقيت لأنها تحرك الغرائز والبعض يحب ذلك.
إذاً الواقع هو ما نستنتجه من الملموس والمعلوم والعمل اليومي.
مثلاً عندما تم الإتفاق على الميثاق الوطني جاء ذلك نتيجة واقع قسّم الناس بين شرق عربي وغرب افرنجي. فجاء الميثاق مبني على "لا للشرق ولا للغرب". ورغم أن المسيحيين حينها كانوا أكثر من المسليمين إنما وتماشياً مع واقع عملي انفتاحي ويدوم واسجاماً مع إرادة البطريرك الحويك عندما أراد ودافع عن لبنان الكبير، تقرر أن يأخذ المسيحيين رئاسة واحدة والمسلمين رئاستين. لكن الوطن لم يستطع النهوض لأن النفوس لم تتحرر من الشرق ومن الغرب. وهذا ما عمل من أجله غبطة البطريرك نصرالله صفير بتأكيده الدائم على نزع الطائفية من النفوس قبل النصوص.
ثلاثية جديدة تفرض نفسها اليوم وبقوة وهي نابعة من واقع عملي وليس من خيال كطرحات البعض.
أولاً حزب الله أطلق مقاومة اكتسبت خبرة واسعة لتصبح مدرسة قتالية تدرّس في المعاهد الحربية.
ثانياً تيّار المستقبل اكتسب خبرة إقتصادية وإعمارية واسعة جعل تجربة سوليدير تتكرر في الأردن ومصر.
ثالثاً التيّار الوطني الحرّ اكتسب خبرة واسعة في الإدارة والتشريع جعل منه مدرسة ونهج لا يمكن تخطيهما في الوزارات التي استلمها بحيث أن كل من استلم أي وزارة بعد وزرائه يتابع هذا النهج لمتابعة النجاح.
علماً أنه يوجد طاقات ورجال دولة في باقي الأحزاب. لكن حزب الله وتيّار المستقبل والتيّار الوطني الحرّ يوجد عندهم نهج عام وسيرة عامة وليس حالات منفردة.
ولبنان كأي بلد في العالم يحتاج الى هذه الثلاثية أي الدفاع والإقتصاد والإدارة كأركان كبرى.
هذه الثلاثية الواقعية والفعلية موجودة ولسنا بحاجة للتفتيش عن أخرى. وهذه الثلاثية أصبحت تفرض نفسها بفعلها وليس بالحلم والنظريات فقط. وهذه الثلاثية قدرها أن تصبح واحدة متحدة ولا تبقى ثلاثية إذا أرادت خدمة وطن واحد كما يتمناه الجميع. والمطلوب اليوم تجديد الميثاق الوطني لأنه ما زال مطلوباً ومراداً من الجميع. والمطلوب جمع هذه الخبرات في اتجاه ومكان واحد وهو الدولة.
ورقة تفاهم وقعت في كنيسة مار مخايل أسست لأبعد ما يتخيله حينها الفكر السياسي المتحكم بالناس. ورقة رؤيوية واقعية علماً أنها ليست منزلة وقابلة للتطوير والتوسيع وإدخال فرقاء جدد إليها.
اليوم إذا دخل الشيخ سعد الحريري وهذا هو المطلوب الى التفاهم، يكون دخل لبنان ومعه الشعب اللبناني كله الى مرحلة كبيرة من تاريخ لبنان يجتمع من خلاله كل أبناء الوطن على هذف واحد وهو بناء الدولة العصرية مستفيدين من خبرات الأفرقاء الثلاثة التي حكماً ستوضع ضمن الدولة وتحت القانون.
دخول الثلاثة يتوج سنين من التضحيات الكبيرة عند الجميع.
وهذه التضحيات هي للوطن وللوطن فقط.
إذا ذهب البعض لإنتخاب رئيس مايع للجمهورية. حكماً سيؤجل هذا كله إذا لم يصبح من الماضي والمستحيلات لا سمح الله.
والرئيس القوي اليوم هو العماد ميشال عون أو من يسمّيه العماد ميشال عون وكثر يرون في الوزير جبران باسيل قدوة شبابية جديّة.
ليبدأ بعدها بناء دولة حقيقية بالخبرات القوية السالفة الذكر بتشريعات وقوانين تستوعب الجميع وتنظم عمل الجميع ضمن الدولة الواحدة.
إذا دخل الشيخ الى هذا التفاهم يصبح للبنان ثلاثية جديدة واقعية مقدسّة قدرها أن تصبح واحدة ضمن الوطن الواحد فتستوعب الجميع في الدفاع والجميع في الإقتصاد والجميع في الإدارة.
هذا كله إذا دخل الشيخ اليوم.
Alfred Baroud
www.facebook.com/AlfredMradBaroud
alfredbaroud@yallamagazine.com