
وإذا كان اللقاء الذي جرى في دبي بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل قد أوحى بأن العماد ميشال عون يريد أن يفاوض "الأصيل" من دون المرور بـ"الوكيل"، فإن هناك من ينتظر ما سيقوله الحريري يوم الجمعة المقبل في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وما سيقوله الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الأحد المقبل في ذكرى قادة المقاومة الشهداء، لعل كلامهما يعطي مؤشرا الى طبيعة المرحلة المقبلة، ومدى إمكانية الوصول الى تسوية حكومية.
وفي حين نُقل عن الرئيس ميشال سليمان قوله إنه ستكون هناك حكومة مع عون أو من دونه، كان لافتا للانتباه أمس "الحُرم السياسي" الذي ألقاه البطريرك الماروني بشارة الراعي على أي حكومة يمكن أن تُسبب أزمة، مخاطبا رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بلغة مباشرة وصريحة، قائلا: ليس من كرامة الرئيس سليمان ولا من كرامة الرئيس سلام أن يشكّلا بعد عشرة اشهر حكومة لا تأخذ الثقة.
وفيما ربط البعض التعثر الحكومي بتطورات خارجية، "تسربت" الأوضاع في لبنان، أمس، الى طاولة المباحثات بين الرئيسين الاميركي باراك أوباما والفرنسي فرنسوا هولاند الذي قال خلال مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض: نتابع ببالغ الاهتمام الأوضاع في لبنان التي تجمعنا به علاقات تاريخية. وتقف فرنسا والولايات المتحدة جنباً إلى جنب من أجل دعم هذا البلد في مواجهة توافد الأعداد الكبيرة من اللاجئين إليه (من سوريا) والمخاطر الأمنية ومخاطر العودة إلى الحرب الأهلية، لذا علينا دعم لبنان من أجل وحدته وسلامته.
وأعرب كذلك عن تفهّمه "للصعوبات التي يعيشها لبنان والأردن بسبب أزمة اللاجئين"، مشددا على أنه "يجب أن نقدم الدعم اللازم لهذين البلدين".
من جهته، قال الرئيس الأميركي "سنواصل العمل مع فرنسا لدعم شركائنا في المنطقة (الشرق الأوسط)، ومن ضمنهم لبنان".
أما داخليا، فقد استمر "تيار المستقبل" في حجب اسماء ممثليه في الحكومة المفترضة، لاسيما مرشحه لـ"الداخلية"، عن الرئيس المكلف، في انتظار "إعادة تعويم الاتفاق على مبدأ المداورة"، وفق مصادر "المستقبل".
وعلى مستوى عقدة "الطاقة"، تردد أمس، أن من بين التسويات المقترحة إسناد هذه الحقيبة الى حزب الطاشناق، علماً أن القيادي في الحزب النائب آغوب بقرادونيان قال لـ"السفير": لم نتلق بعد أي عرض رسمي بهذا الصدد، ولم يفاتحنا أحد حتى الآن في هذا الموضوع، ومتى طُرح علينا سندرسه بالتشاور مع حليفنا العماد ميشال عون.
وبينما أجرى الرئيس فؤاد السنيورة مشاورات مع الحريري في السعودية حول الملف الحكومي، قالت مصادر بارزة في "تيار المستقبل" لـ"السفير" إن المطلوب الآن إعادة الاعتبار الى الاتفاق الذي تم حول مبدأ المداورة، مشيرة الى أن الاتصالات تتركز حاليا على هذه النقطة، لأنه لا أهمية لأي بحث آخر، ما لم يتم تكريس التفاهم على المداورة.
وإذ أوضحت المصادر أن "المستقبل" لم يقدم بعد الاسم النهائي الذي يقترحه لـ"الداخلية"، كشفت عن أنه لن يتم طرح أي اسم، قبل إعادة احترام الاتفاق المتعلق بالمداورة، وبعد ذلك تصبح مسألة الأسماء مسألة إجرائية تًعالج في وقت قصير.
واعتبرت المصادر أن البعض في "8آذار" انقلب على الاتفاق الذي شارك الرئيس نبيه بري في وضعه ممثلا فريق "8آذار"، لافتة الانتباه الى أن "حزب الله" كان قد أخذ على عاتقه مهمة إقناع عون بالمداورة، لكن يبدو أن عون هو الذي أقنع الحزب بالتراجع عنها، وبالتالي التملّص من التفاهم الحاصل مع "المستقبل".
وفي موقف لافت للانتباه من شأنه ان يُعيق عودة سليمان وسلام الى خيار الأمر الواقع، قال البطريرك الراعي كلمته - الفصل، ومشى... الى الفاتيكان. فقد دعا الراعي من المطار الى "قيام حكومة لا تشكل أمة أو تحدياً لأحد في لبنان"، مؤكداً أنه "ليس من المناسب، على مشارف انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلق أزمة جديدة في البلد".
ورداً على سؤال حول المداورة، أجاب: المهم أن تشكل حكومة تهيئ للاستحقاق الاساسي، اي رئيس للجمهورية، ولا اريد أن ندخل في كل هذه المناورات الداخلية، فقد شبعنا من المناورات.
وأبلغت أوساط مسيحيي "8آذار" "السفير" ان الموقف الذي اطلقه الراعي في المطار مفصلي، ونسف فكرة تشكيل حكومة أمر واقع لا تستطيع نيل الثقة النيابية، سواء كانت حيادية او سياسية، وبالتالي كرّس حقيقة انه ما من حكومة يمكن ان تتشكل من دون التوافق والتفاهم مع مكوّن مسيحي اساسي هو "التيار الوطني الحر" وحلفائه المسيحيين.
واعتبرت هذه الاوساط ان كلام الراعي في المطار يشكل ردا مباشرا على موقف رئيس الجمهورية خلال قداس مار مارون.
وإذ وصفت مصادر بارزة في "التيار الحر" كلام الراعي بأنه سيد الكلام، شددت على أنه "جاء ليتلاقى مع فهمنا لمذكرة بكركي ويخالف التفسيرات التي حاول البعض ان يمنحها إياها".
وأكدت المصادر ان "التيار" يرفض تشكيل حكومة يكون هدفها المضمر إدارة الفراغ الرئاسي او التمديد للرئيس ميشال سليمان، "وما نقبل به فقط هو تأليف حكومة تتولى حصرا التحضير للانتخابات الرئاسية". ref:wataniya