
وفي حين وضع رئيس الجمهورية ميشال سليمان حدا حاسما لموعد الولادة الذي توقعه في نهاية الاسبوع، جاءت مواقف الرئيس سعد الحريري في المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معه محطة "المستقبل" مساء امس لتشكل قوة دفع اضافية لهذه العملية من خلال التوضيحات التي اعلنها للموقف الذي كان أعلنه من لاهاي
ولعل العامل اللافت الذي واكب المسارعة الى ازالة الالغام التي تعترض تشكيل الحكومة، تمثل في اتساع مناخ تلقف موقف الحريري الذي حصد امس اشادات حارة من كل من العماد ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، في مقابل تطور آخر تمثل في تأكيد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع للمرة الاولى انه "لا يشارك" حليفه الرئيس الحريري في موقفه من مشاركة "حزب الله" في الحكومة موحيا بامكان عدم مشاركة حزبه فيها ما لم "يعد النظر في الامر" كما تمنى عليه الحريري في مقابلته.
وآثرت أوساط الرئيس سليمان التكتم على المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة واكتفت بوصف لقائه امس مع الوزير جبران باسيل بأنه ايجابي، علما ان باسيل التقى، ايضا الرئيس المكلف تمام سلام.
لكن مصادر مواكبة للاتصالات لم تسقط من حساباتها خيار الحكومة الحيادية اذا لم تؤد المفاوضات الجارية الى نتيجة متوقعة حسما لهذا التوجه خلال 48 ساعة.
وفي المشاورات التي جرت ليلا بين قصر بعبدا ودارة المصطيبة كان التقويم ايجابيا لجهود التأليف مع اتفاق على عدم البوح بالتفاصيل كي تنجح الجهود التي دخلت مرحلة دقيقة.
وفي مقابل هذا التكتم الرسمي كانت أوساط 8 آذار أكثر راحة في الادلاء بمعطيات ابرزها ان جهود "حزب الله" في اتجاه الرابية لم تؤد الى اقناع العماد ميشال عون بالقبول بمبدأ المداورة وهذا ما نقله الوزير باسيل الى الرئيس سليمان ثم الى الرئيس سلام، وكذلك ما حاول الوزير علي حسن الخليل باسم الرئيس نبيه بري، والحاج حسين الخليل باسم "حزب الله" نقله الى سلام مساء امس. لكن الاخير بقي ملتزما مبدأ المداورة. وفي الوقت نفسه تعامل سلام بتحفظ مع صيغة 30 وزيرا. لذلك تقرر مواصلة البحث وسط مؤشرات تفيد ان عون قد يقبل بالمداورة اذا ما اقترن باعطاء تياره حقائب تتناسب مع حجمه النيابي.
سليمان
وفي لقاء جانبي مع الصحافيين على هامش الاستقبال السنوي للسلك الديبلوماسي في قصر بعبدا قال الرئيس سليمان ان الحكومة ستكون في نهاية الاسبوع بعدما ذللت كل العقبات "وأصبحنا في مرحلة الروتشة الاخيرة". وأشار الى ان كل الجهات السياسية اقتنعت أخيرا بمبدأ المداورة موضحا انه لن يسمح بالوصول الى 25 آذار من دون حكومة واذا تعذر التأليف فكل الاحتمالات واردة ومنها الحكومة الحيادية.
الحريري
أما الرئيس الحريري، فحرص على ادراج موقفه الذي أعلنه من لاهاي في اطار "واجبه ومسؤوليته السياسية"، متسائلا: "لو كان رفيق الحريري حيا ومكاني ماذا كان ليفعل؟ هل أحكّم قلبي أم عقلي؟ انا مسؤول سياسيا عما يحصل في لبنان وامام ما حصل في لاهاي وهو كبير جدا، خرجت وأعلنت استعدادي للمشاركة في الحكومة". ورسم الحريري الاطار السياسي لهذه المشاركة مشددا على رفض الثلث المعطل وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة والاصرار على اعتماد المداورة. وقال: "رأينا استجابة من 8 آذار بالقبول بصيغة 8-8-8 بعد تمسكهم بصيغة 9-9-6 ". وحذر من الوضع السائد في البلاد، لافتا الى ان "كل تفجير يقابل بتفجير آخر، ثم يوزع الملبس هنا او هناك ولكن من يفعل ذلك؟ إنه بشار الاسد". واضاف: "البلد لم يعد يحتمل وانا من واجبي ان اجد معادلة للخروج من الوضع المؤلم".
ووصف المشاركة مع خصومه في الحكومة بانها " ربط نزاع على طاولة مجلس الوزراء فهو (حزب الله) لن يخرج من سوريا ولن يتخلى عن سلاحه وانا سأبقى اطالب بانسحابه وبالتخلي عن السلاح. سنضع الخلاف على طاولة مجلس الوزراء " . كما شدد على ان رفضه لثلاثية الجيش والشعب والمقاومة "مفروغ منه " وقال: "اننا لن نتنازل عن مطالبنا وهم ايضا لن يتنازلوا، ولكن اليوم نفتح بصيص امل لتشكيل حكومة على رغم الخلافات الكبرى... ولا يمكن ترك البلد هكذا، نريد وقف الانهيار ". وأعلن ان "لا شيء يفرقني عن حلفائي في 14 آذار الا الموت والحوار مع الحلفاء مفتوح". وتمنى على جعجع ان "يعيد التفكير" في موقفه من الحكومة.
بان كي - مون
وفي نيويورك افاد مراسل "النهار" علي بردى ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون اشاد بالرئيس ميشال سليمان لتمسكه بسياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية، مرحباً بـ"الزخم" الراهن لتشكيل حكومة جديدة وداعياً الى اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
وخلال الجلسة الشهرية لمجلس الأمن عن "الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية"، أشاد بان بـ"قيادة الرئيس سليمان للمحافظة على سياسة النأي بالنفس"، معتبراً أنها "حيوية لمنع الأزمة السورية من مفاقمة التوترات في لبنان كما رأينا مع الأعمال الإرهابية والتفجيرات الأخيرة". ولاحظ إنه "بعد تسع سنين من اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، تذكّر مباشرة المحاكمة في المحكمة الخاصة بلبنان الأسبوع الماضي بمكافحة وقف الإفلات من العقاب في لبنان".
ورحب بـ"الزخم لتشكيل حكومة"، مشجعاً كل الأطراف على "ضمان اجراء الإنتخابات الرئاسية في وقتها". وختم بأن "الشعب اللبناني يتطلع الى زعمائه للعمل معاً لقيادة بلدهم خلال هذا الوقت العصيب".
طرابلس
وسط هذه الاجواء، لم تتراجع الاشتباكات التي تشهدها طرابلس منذ ايام في اطار الجولة الـ19 من جولات القتال. وشهدت المحاور مساء امس اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الاسلحة الصاروخية بشكل كثيف فيما تولت وحدات الجيش الرد على مصادر النيران. وقد بلغت حصيلة الاشتباكات حتى مساء امس خمسة قتلى ونحو 50 جريحا .