
وبنتيجة إعلان الأمم المتحدة أنّ "جنيف - 2" سيُعقد من دون مشاركة إيران، وبالتالي تأكيد الائتلاف السوري مشاركته في المؤتمر لتحقيق الانتقال السياسي، اعلن المجلس الوطني
فعلى وقع الأمن المتفجّر في طرابلس التي دخلت مساءً مدار هدنة جديدة، حفلت الساعات الماضية بلقاءات علنية وبعيدة من الأضواء بغية إسراع التأليف، وبلغ الحراك ذروته بعدما باتت كل المؤشرات تشي بولادة حكومية قريبة.
فأوفد رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الى بعبدا والمصيطبة، بعدما رأى عون في موقف الحريري الأخير شجاعةً كبيرة بدّلت الوضع برمّته وسهّلت عمليةَ التأليف،علماً انه سيتحدث اليوم عقب الإجتماع الأسبوعي لـ"التكتل".
ومساءً، زار المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" الحاج حسين خليل، الرئيس المكلف تمام سلام في المصيطبة الذي كان التقى مطوّلاً ليل امس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وعلمت "الجمهورية" أنّ "الخليلين" تبلّغا من سلام وجود تقدّم كبير في موضوع التأليف الذي أنجِز تقريباً، في انتظار إنجاز حصة عون التي لا تزال عقبة في ظلّ تمسكه بوزارة الطاقة، وهو ما نقله باسيل الى كلّ من سليمان وسلام رافضاً مبدأ المداورة في حقائب التكتّل، باعتبار أنّ عمر الحكومة قصير، وبالتالي لن يتسنّى للوزراء الجدد الوقت الكافي لدراسة الملفّات، خصوصاً ملف الطاقة.
وعليه، سيبقى خط المصيطبة ـ الرابية مفتوحاً لتذليل ما تبقّى من عقبات. وكانت مصادر سلام عبّرت لـ"الجمهورية" عن ارتياحها الى التحركات التي شهدتها دارته أمس، واكتفت بالقول إنّها ايجابية للغاية، وستظهر الساعات المقبلة مزيداً من المواقف التي ستساهم في بروز أول معالم لتشكيلة حكومية جديدة في الفترة المقبلة.
سليمان
وكان رئيس الجمهورية أكّد في كلمة ألقاها أمام السلك الديبلوماسي العربي والأجنبي المعتمد في لبنان لمناسبة تقديم التهاني بحلول العام الجديد، استمرار "السعي لتشكيل حكومة جديدة واستئناف أعمال هيئة الحوار، والتهيئة لإنجاز انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والتوافق على قانون جديد يسمح بإجراء الانتخابات النيابيّة ضمن الآجال المحدّدة". وفي دردشة مع الإعلاميين في قصر بعبدا، قال سليمان: "الحكومة هذا الاسبوع، وهي غير مرتبطة بـ"جنيف 2"، مشيراً الى أنّ "البيان الوزاي سيكون بعد إعلان الحكومة". وأضاف: "الحكومة التي ستؤلّف هي لبنانية لبنانية". ورفض الحديث عن إيحاءات خارجية، وقال :"إذا حصلت أيّ انتكاسة بخصوص التأليف فإنّ كلّ الاحتمالات واردة بما فيها الحكومة الحيادية".
ونفى سليمان أن تكون هناك عقبات، مؤكّداً أنّ الإجواء إيجابية، وقال: "نحن في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة، والاطراف جميعا اتفقوا على المداورة"، ورأى أنّ "التقارب بين الاطراف من المفترض أن يساهم في تخفيف التشنّج وضبط الوضع الامني"، وأكّد انّه "لن نسمح بمرور 25 آذار من دون أن يكون هناك حكومة".
الحريري
توازياً، قال الحريري في حديث تلفزيوني مساء أمس: "نحن ضد الثلث المعطل ومع المداورة، ونرفض ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة"، كما أكّد أنه مع إعلان بعبدا". أضاف: "لن أغطّي القتال في سوريا ولا السلاح والمتهمين في قتل رفيق الحريري، ونحن قطعاً لن نغطّي مشاركة حزب الله في سوريا، ومشاركته تجلب النار إلى لبنان".
وعن المحكمة ، قال: "منذ يومين كنت في لاهاي ورأيت كيف لاحقوا رفيق الحريري من قريطم إلى البرلمان إلى فقرا وإلى كل مكان، هناك لائحة بأسماء المتّهمين قد تنكشف مع الأيام ولا نعلم إلّا 5 أسماء فقط".
أمّا في الشأن الحكومي، فأوضح الحريري أنّه "قلنا نحن مستعدّون للخروج من الحكومة، وطلبنا من حزب الله الخروج وتأليف حكومة ترعى شؤون الناس الاقتصادية والاجتماعية، لكنّهم رفضوا".
واعتبر أنّ "وجود حزب الله في سوريا يجلب النار إلى لبنان والحزب يعرف ذلك، واليوم ندخل إلى حكومة لا يوجد فيها ثلث معطل". وأشار إلى أنّ "الشأن في موضوع الحكومة سببه رغبتنا بأن تمشي مصالح الناس، وهو فقط ربط نزاع، ولا نريد أن نفرض شروطنا على الآخرين، ونحن إيجابيّون بقدر ما الآخر إيجابي". ولفت الى وجود " استحقاقات مهمّة، علينا أن نتحرّك تجاهها".
واعتبر أنّ "البعض يقول إنّ المشاركة في الحكومة هي تغطية لمشاركة حزب الله في سوريا، لكن هل أنا سعد الحريري سأغطي هذا الوجود الذي أرفضه؟". وأضاف: "هم قالوا اقبلوا اليوم بـ9-9-6 فالمعادلات قد تتغيّر، لكن هم من تراجع وقبلوا بصيغة 8-8-8. سندخل الى حكومة لا ثلث معطّلاً فيها ولا حتى بشكل مقنّع، ولا تحالف رباعياً، ولا يفرقني عن حلفائي إلّا الموت. نحن في مرحلة ربط نزاع بين الطرفين، لا أكثر ولا أقلّ".
وكان الحريري اعلن في حديث الى راديو "أوروبا 1"، أنّ المتهمين الخمسة بجريمة اغتيال والده هم أعضاء في "حزب الله"، وأنّ من أعطى الأوامر باغتياله "هو نظام بشّار الأسد". وقال: "لن أنسى ولن أسامح، ولكن لبنان أهم منّي، ويجب تأليف الحكومة ليصار بعدها إلى انتخاب رئيس للجمهورية".
وأكّد أنّ "الشهيد محمد شطح كان أيضاً ضحية من ضحايا النظام السوري". وقال: "من قتل رفيق الحريري يستطيع أن يقتل سعد الحريري، على رغم الإجراءات الأمنية والحماية المؤمنة لي في لبنان". وأشار الى انّ "على روسيا وإيران أن تجبرا بشار الأسد على أن يرحل لأنّه لا يمكن أن يبقى رئيساً لسوريا". وأعلن أنّه يعتزم العودة إلى لبنان للمشاركة في الانتخابات النيابية ولتولّي "مجدّداً يوماً ما رئاسة الحكومة".
جنبلاط
واعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أنّ الحريري "أثبت من خلال موقفه الأخير أنّه رجل دولة قادر على إعلاء شأن المصلحة الوطنيّة العليا والاستقرار والسلم الأهلي فوق كلّ إعتبار، وهو ما يعكس فهمه العميق لطبيعة النظام اللبناني وعناصر تكوينه وسبل توفير المزيد من المشاكل والعثرات على المستوى الداخلي".
جعجع
وقد استبق رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع إطلالة الحريري المسائية بالقول لمحطة "العربية" إنّه لا يشارك الحريري بفحوى تصريحه لوكالة "رويترز" وموافقته على مشاركة "حزب الله" في الحكومة، "مع العلم أنّني أوافقه الرأي بأنّه يجب اتّخاذ خطوات الى الأمام لحلحلة الوضع"، مشيراً إلى أنّ موضوع التأليف الحكومي "لا يزال محطّ أخذٍ ورَدّ داخل قوى 14 آذار"، متمنّياً "أن يتجاوب الفريق الآخر مع الإيجابية التي أبداها الحريري ولو بنصف ايجابية من جهته. علماً أنّ جعجع الذي سيتحدّث مسهباً عبر شاشة "المستقبل" غداً كان عرض مع منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد لموضوع التأليف وما آلت إليه المشاورات.
موفد هولاند
إلى ذلك، تابع مستشار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لشؤون الشرق الاوسط امانويل بون جولته على المسؤولين، فزار امس رئيس الجمهورية ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية والتقى نواباً وشخصيات مسيحية في دارة النائب بطرس حرب في الحازمية.
وذكر مصدر ديبلوماسي متابع لـ"الجمهورية" أنّ "زيارة بون هي زيارة استطلاعية بالدرجة الأولى، طرح خلالها العديد من الأسئلة على القوى السياسية التي التقاها، وتمحورت غالبيتها حول النظرة الى الإستحقاق الرئاسي، وزيارته البطريرك الماروني الكاردينال ما بشارة بطرس الراعي للتأكيد على الدور المحوري لبكركي".
وأكّد المصدر أنّ "اللقاء كان ايجابياً بين الموفد الفرنسي والراعي، حيث تطابقت وجهات النظر بالنسبة الى إجراء الإستحقاق الرئاسي في موعده، لكنّ الراعي رفض الدخول في الأسماء، وقال لبون إنّه يجب أن نضع المواصفات التي تتطلّبها المرحلة، وعلى أساس ذلك نختار اسم الرئيس، فما كان من بون إلّا أن أكّد أنّ الإستحقاق لبنانيٌّ بامتياز، وعلى اللبنانيين أن ينتخبوا رئيسهم من دون تدخّل خارجي، وفرنسا ستعمل ما بوسعها للمساعدة على انجاحه، وبارك الخطوات التي يقوم بها الراعي".
وكشف المصدر أنّ بون "بعد الإنتهاء من جولته، سيقدّم تقريراً مفصّلاً الى فرنسا، حول موقف كلّ طرف لبناني من الإستحقاق الرئاسي والملفات الأخرى المطروحة، وسترفع فرنسا بدورها تقريراً إلى الإتحاد الأوروبي حول الأوضاع في لبنان، لأنّ الإتحاد كلّف فرنسا القيام بهذه المهمّة". وأكّد أنّ "فكرة نقل الحوار اللبناني الى أوروبا غير مطروحة حاليّاً، وقد سُحبت من التداول".
أمن طرابلس
أمنيّاً، خيّم الهدوء الحذر على محاور طرابلس بعد جولة عنف شهدتها المدينة، بعدما شهدت محاور القتال التقليدية سخونة طيلة ساعات النهار، وحصدت أعمال القنص مزيداً من القتلى والجرحى، تزامناً مع هجمات عدة تعرّضت لها المراكز العسكرية والدوريات العائدة للجيش اللبناني في اكثر من منطقة.
وفي آخر جردة امنية لحصيلة الجولة التاسعة عشرة في طرابلس، قال مرجع امني بارز ليل امس لـ"الجمهورية" إنّ عدد القتلى رسا أمس على ستّة، وعدد الجرحى على 63 جريحاً، من بينهم تسعة عسكريّين. ونتيجة الإتصالات الجارية التي قام بها ميقاتي والوزراء المعنيّون وقيادة الجيش، تحرّكت وحدات من الجيش قرابة الثامنة والنصف ليلاً باتّجاه المحاور الساخنة ما بين جبل محسن وباب التبانة والنقاط التي يمكنه التحكّم منها بأمن المنطقتين.
وكان ميقاتي أكّد ضرورة التشدّد في التعاطي مع المُخلّين بالأمن وتوقيفهم ومنع التعرّض للمواطنين الآمنين، وذلك في سلسلة من الاجتماعات والاتصالات مع قائد الجيش العماد جان قهوجي وقادة الأجهزة الأمنية.
المحكمة غداً
وعلى خطّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، فقد رفعت هذه المحكمة جلساتها إلى يوم غد الأربعاء بعدما كانت استمعت أمس إلى فريقي الدفاع عن المتّهمين حسين عنيسي ومصطفى بدر الدين.
وأعلن رئيس مكتب الدفاع في المحكمة فرنسوا رو أنّ البداية في المحاكمة مبكرة بالنسبة لحسن مرعي، وقال: في المرحلة التي وصلنا اليها لا يمكنني سوى أن أقول إنّني حلمت مع القاضي انطونيو كاسيزي أن تكون المحكمة مثالية وتحترم حقوق المتّهمين، رافضاً اتّهام مرعي قبل الإجراءات التمهيدية.
من جهته، قال محامي الدفاع عن بدرالدين انطوان قرقماز "إنّ الدفاع يعاني من عدم تعاون الحكومة اللبنانية باستثناء بعض الحالات، واعتبر أنّ الانتهاك الأسوأ للمتّهمين يندرج في طبيعة المحاكمات الغيابية، والتأخير يضرّ بحقّهم منذ 3 سنوات. ?