
الامور بدأت تتجه الى فراغ حكومي، فبعدما كان الرئيس ميشال سليمان متحمسا جدا لحكومة حيادية والرئيس المكلف ايضا، فان تشكيل الحكومة الحيادية بات صعبا، ويؤشر ذلك الى فراغ حكومي حيث تعمل اطراف فاعلة على ان تستمر هذه الحكومة حتى انتخابات رئاسة الجمهورية، وفي ظل اجواء ايضا عن فراغ رئاسي، لان ولاية اي رئيس جديد او التمديد للرئيس الحالي ميشال سليمان مرتبطة بولاية الرئيس بشار الاسد في سوريا والتي تنتهي في حزيران وسوف يترشح الرئيس السوري لولاية ثانية، وبعدها قد تتبلور صيغة حكومة جديدة وتحصل انتخابات رئاسية، ولا يمنع ذلك من القول ان تشكيل حكومة جديدة اذا حصل، سيكون معجزة، لان ما هو موجود تحت الطاولات من مخططات لاغتيالات وتفجيرات بات اقوى واهم من تشكيل الحكومة.
فالمعارك السورية البرية والغارات الجوية تنعكس مباشرة على لبنان في ظل حديث عن معركة جديدة هي معركة القصير قد تحصل على الحدود اللبنانية - السورية وفتحها من قبل جبهة النصرة عبر امتلاكها صواريخ غراد وآليات لازالة الالغام اليدوية على مستوى الافراد، لان منطقة القصير محاطة بحقول للالغام تمنع اجتيازها، الا ان الاميركيين قد يكونون زودوا الجيش الحر بكاسحات الغام فردية، اضافة الى معارك حلب وريف دمشق ودرعا وعدم حسم الامور في هذه المناطق.
وطالما ان الامور غير محسومة في سوريا فان الاوضاع لن تكون محسومة في لبنان.
واذا كان السفير الايراني غضنفر ركن ابادي قد ابلغ النائب وليد جنبلاط ان ايران نصحت حزب الله بالدخول في الحكومة، الا ان ذلك لا يعني ان ايران وضعت كل ثقلها مع حزب الله لتأليف الحكومة، لانه لا يمكن لحزب الله التخلي عن العماد ميشال عون، ولذلك فان تحالف عون وحزب الله وكل قوى 8 اذار لن يدخل في الحكومة، وكذلك فان جنبلاط لن يشارك اذا لم يشارك بالتحديد حزب الله وبري ايضا وبالتالي فان الحكومة الحيادية لن تنال الثقة، ثم ان مفتاح مجلس النواب لنيل الحكومة الثقة، ودراسة البيان الوزاري، هو لدى الرئيس نبيه بري الذي قال: "اذا تشكلت حكومة من دون المسيحيين اي في غياب عون وجعجع، لن تكون ميثاقية ولن نجعلها تصل الى مجلس النواب".
ولذلك، الايام تمر والتعقيدات في تشكيل الحكومة تزداد، وهيئة الاحزاب الوطنية زارت العماد ميشال عون في الرابية واعلنت ان تمام سلام يستطيع اعطاء العماد عون وزارتي الطاقة والاتصالات وحل مشكلة تأليف الحكومة، وبالتالي فان ممثل حزب الله الحاج محمود قماطي انتقل في كلامه بعد اللقاء من مرحلة التفاوض مع العماد عون للتخفيف من شروطه الى دعمه في الحصول على وزارتي الطاقة والاتصالات.
الخلاف زاد بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، ورفض بري اعطاء وزارة المالية لعون وسحب ترشيح الوزير علي حسن خليل لوزارة المالية كي يتسلمها وزير عوني بدلا من ممثل حركة امل.
كيف كانت الاتصالات الميدانية امس؟
لم يحسم اي خيار في موضوع الحكومة رغم ان الوقت بات يداهم الجميع، لكن المعلومات اشارت الى اتجاه لدى الرئيسين ميشال سليمان وتمام سلام الى تشكيل حكومة امر واقع سياسية او حيادية خلال 48 ساعة وقد تم تمديد "المهلة" بناء على تدخل من النائب وليد جنبلاط لاعطاء الاتصالات المزيد من الوقت في ظل عملية الاخذ والعطاء وتقديم عروض جديدة.
وتشير المعلومات الى ان نصائح سفراء اميركا وروسيا وفرنسا وبريطانيا الى المسؤولين بضرورة ولادة الحكومة الجامعة للحفاظ على الاستقرار هو الذي ادى ربما الى تمديد المهلة غير المفتوحة.
وتضيف المعلومات ان السفير البريطاني لدى لبنان طوني فلتشر والسفير الفرنسي باولي التقيا الرئيس سعد الحريري في فرنسا كل على حدى. كما زارا دولا خارجية تتعاطى بالملف اللبناني وبحثا مع المسؤولين في هذه الدول دقة الاوضاع اللبنانية وضرورة تأليف حكومة جامعة تحافظ على الاستقرار، في حين ان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غوتيلوف سيزور بيروت لهذه الغاية لحض الجميع على الاستفادة من الاجواء الدولية لاستقرار لبنان.
اما على صعيد الاجتـماعات ونتــائجــها، فقد سجــلـت الخطوات الآتية:
1 - قام الرئيس المكلف تمام سلام بزيارة الرئيس سليمان في بعبدا واستعرضا مواقف الاطراف من التشكيل والتي ما زالت على حالها من التعقيدات وبالتالي لا خروقات مطلقا.
2 - مواصلة الوزير وائل ابو فاعور جهوده "اليتيمة" بين عين التينة والمصيطبة لتشكيل الحكومة دون اي تقدم، وعلم ان الرئيس نبيه بري عمّم على وسائل الاعلام بعد مغادرة ابو فاعور ان "لا تقدم وخدمت عسكريتي ومستعد للتدخل اذا حصل اي جديد".
3 - استمرار موقف الرئيس تمام سلام المتمسك بالمداورة، وانه لن يعتذر والكرة في ملعب عون لكنه ما زال مصرا حسب مصادره، على الحكومة الجامعة، ورفض سلام التعليق على مواقف عون بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح.
4 - تم تقديم عرض بإسناد وزارة الداخلية الى النائب وليد جنبلاط، في ظل اعتبار العماد عون ان الرئيس المكلف ليس وسطيا وبالتالي لا يحق لقوى 14 اذار وزارتين سياديتين الداخلية والخارجية وهذا الاقتراح سقط فورا من قبل الرئيس سلام الذي اكد انه رئيس حكومة لكل الاطراف.
5 - طلبت قوى 8 اذار من الرئيس تمام سلام تزويدها بمسودة توزيع الحقائب الخاصة في 8 اذار لاعطاء عون وزارات وازنة وهذا الاقتراح يتم درسه ورفضت مقولة سلام "اعطوني الاسماء اولا وسأرضي الجميع".
6 - كل العروض لم تحقق اي نتيجة، وطرح ايضا اعطاء وزارة سيادية لعون مع وزارة خدماتية، وهذا الامر جوبه برفض من الرئيس بري المتمسك بوزارة المالية للشيعة.
7 - الجميع وتحديدا بري وجنبلاط لم يصلوا بعد الى اعطاء الضوء الاخضر لتشكيل حكومة من دون العماد عون وابعاده والرهان عندهم ما زال على عامل الوقت الذي لن يطول.
لقاء عون والاحزاب الوطنية
اما على صعيد لقاء عون والاحزاب الوطنية، فتشير المعلومات الى ان العماد عون ابدى استياءه وامتعاضه امام زواره من الاجتماع الموسع في الرابية في دارة نائب رئيس مجلس الوزراء السابق ميشال المر وغمز من حضور الحلفاء واعتبره رسالة موجهة له، وهذا ما استدعى رسائل اطمئنان من قيادة حزب الله للعماد عون والتأكيد على الوقوف الى جانبه في السراء والضراء وان حزب الله لن يشارك في اي حكومة من دون مشاركة التيار.
كما ان العماد ميشال عون ابدى امام وفد الاحزاب الوطنية الذي زاره متضامنا في الرابية في غياب ممثل حركة امل محمد جباوي عن اللقاء وخيبة امله من الملفات وشرح كيف انه اعطى الموافقة للحلفاء بالتراجع عن صيغة 9-9-6 والقبول بـ8-8-8 فقط.
في المقابل، تم التوافق من قبل الحلفاء مع سليمان وسلام على نقاط لم تبحث معه مسبقا وتحديدا المداورة وان عون لم يفوض احدا في هذا الموضوع.
وانتقد عون بشدة الرئيس المكلف تمام سلام واعتبره العقدة امام تشكيل الحكومة، وكشف عون للاحزاب عن ان الرؤساء سليمان وبري والحريري والنائب جنبلاط وافقوا على الاشتراك بالحكومة اذا تم استثناء الطاقة من المداورة وابقائها له، لكن الرئيس سلام رفض الامر بالمطلق وبالتالي فان المشكلة مع الرئيس سلام. وقال: على سلام الاعتذار ولا يحق له بوزارة سيادية لانه ليس وسطيا.
واشار عون الى ان تشكيل الحكومة في الثلاجة وهناك اجازة في موضوع التأليف لمدة 4 او 5 ايام بانتظار الاتصالات مستبعدا حكومة حيادية كما قيل له.
واكد للاحزاب انه لن يتراجع عن مواقفه وكرر كلامه بأن المداورة استهداف للتيار الوطني ولماذا لا تتم المداورة في الوزارات الفاشلة.
واعتبر ان هناك "سوء نية" من البعض في التعاطي معه. وقال بأسف "المعروف عني انني لا اتراجع وخلال المعارك التي خضتها في الجيش تمزق واقي الرصاص الذي كنت ألبسه 3 مرات ولم اتراجع"، وقال: "لا افهم حتى الان سبب حصاري". علما ان قيادات في الاحزاب الوطنية كتبت على "تويتر" كلاما حمل انتقادات لحضور قيادات من 8 اذار العشاء في منزل النائب ميشال المر واعلنت تضامنها مع عون.