
وعلى خط مواز، فقد تابع الجيش اللبناني اجراءاته في مدينة طرابلس، يوم أمس، وسير دوريات مؤللة، على "محاور القتال" بين التبانة وجبل محسن، ولاحق عدداً من المسلحين، مع قناعة كشف عنها وزير الداخلية والبلديات (في حكومة تصريف الأعمال) مروان شربل، خلاصتها "ان الأمور في طرابلس لن تهدأ كلياً إلا عبر جعلها مدينة منزوعة السلاح..." على نحو ما كان دعت اليه فاعليات المدينة... وذلك مع الخرق الذي استهدف مدينة الهرمل بعد ظهر أمس بإطلاق عدد من الصواريخ...
مشهد إقليمي - دولي يدخل الخط
وفي وقت، كان اللبنانيون يحاولون اجتياز قلقهم الذي أخذ منهم على امتداد الأيام، بل والأسابيع الماضية، جراء الشائعات التي تتحدث عن السيارات المفخخة المزروعة في غير منطقة من لبنان... لاسيما في العاصمة بيروت، التي تشهد تراجعاً في الحركة واضحاً، كانت الاهتمامات تتوزع بين مشهدين بالغي الأهمية والتأثير في حياة اللبنانيين:
- الأول: متابعة وقائع جلسات المحكمة الدولية العلنية والاستماع الى افادات شهود الادعاء...
- الثاني: الخلطة الغريبة العجيبة لسير أعمال مؤتمر جنيف -2 بشأن الازمة السورية، والمشاهد المثيرة والمتناقضة، وتبادل التهديدات بالمقاطعة بين ممثلي "المعارضة" وممثلي الحكومة السورية...
وقد دخل على خط الاهتمامات يوم أمس، الواقع الدموي الذي أحيت فيه مصر، الذكرى الثالثة لثورة 25 يونيو، حيث حصدت التفجيرات 7 قتلى وأكثر من 80 جريحاً في غير منطقة من القاهرة وبعض المحافظات... الأمر الذي عزز لدى اللبنانيين، وجوب العمل، وبأقصى ما يمكن، من أجل تأليف "حكومة جامعة" تكون قادرة على توفير أوسع مدى من التضامن الداخلي لمواجهة التحديات اللاهبة والدامية التي لم تعد بعيدة عن الساحة اللبنانية، بعد سلسلة التفجيرات الارهابية التي ضربت في غير مكان...
تراجع لافت على خط التأليف
وعلى رغم انقضاء عشرة أشهر على التكليف، فإن مشهد تأليف الحكومة مايزال يتنقل على نحو دراماتيكي، بين "إيجابيات" في يوم، و"سلبيات" في يوم آخر... و"غموض" في أيام أخرى... ما أثار العديد من الأسئلة والتساؤلات حول جدية البعض في التعاطي مع هذه المسألة الجوهرية، كما وحول الأسباب الحقيقية التي تعترض ولادة الحكومة، بعدما أصرّ رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون على موقفه متماسكاً بحقيبة "الطاقة" للوزير جبران باسيل، واعلان رئيس "الهيئة التنفيذية" لـ"القوات اللبنانية" سمير جعجع رفضه المشاركة في حكومة يتمثل فيها "حزب الله" ولم تفلح كل الجهود التي بذلت مع عون باقناعه في العدول عن موقفه، كما ان "لامونه على جعجع"...
ربط التعثر بالتطورات الاقليمية
في قناعة غير مصدر، فإن تقلبات المناخ السياسي والأمني على المستويين الاقليمي والدولي، قد تكون تركت تأثيراتها على حركة المساعي لاستيلاد الحكومة ضمن المهلة الزمنية التي كان أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، و"إلا فالعودة الى حكومة حيادية".
وازاء هذا الواقع، فقد نقل عن مصادر مواكبة للاتصالات على خطي بعبدا - المصيطبة، والى جانبهما خط التواصل مع كليمنصو (جنبلاط) ان العمل جار على صيغ بديلة، على رغم ان جنبلاط أكد للمتصلين به، "ان المشاورات لم تصل بعد الى حائط مسدود"، وان "حكومة الواقع" او "الأمر الواقع"، العادلة والمرتكزة الى الأسس نفسها للحكومة "الجامعة"، وفق صيغة الـ8-8-8 ماتزال حاضرة على طاولتي الرئيسين سليمان وسلام... وقد لفت هنا ما كشفته صحيفة "عكاظ" السعودية التي أكدت "ان هناك قراراً خارجياً بعدم تشكيل الحكومة...".
سليمان وسلام
استنفدا الوقت المتاح
ونقلت المصادر اياها لـ"الشرق" ان رئيس الجمهورية، كما الرئيس المكلف اعطيا المسألة ما تستحقه من وقت وأكثر مما كان متوقعاً... وهما لم يوفرا فرصة او وسيلة لتشكيل "حكومة جامعة" لا تستثني أحداً... لكن المشكلة كانت في مواقع أخرى حيث يكمن محبذو الفرص الضائعة وهدر مساعي التقارب الحميدة لانتشال ابلاد من كبوتها، خصوصاً، اذا ما قامت هذه الحكومة بدورها في فصل أزمة لبنان عن أزمات المنطقة، ولو بنسبة ما...
وأمام عودة "الشروط" و"الشروط المضادة" وأمام المراوحة المشبوهة، فإن المصادر أشارت الى ان حظوظ "حكومة الواقع" او "الحيادية" او "السياسية العادلة" لا تبدو ضئيلة... وان الأمور، لم تصل الى حائط مسدود كما قال جنبلاط مستنداً الى حصيلة الاتصالات التي أجراها الوزير وائل ابو فاعور والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل، الذي كان زار مساء أول من أمس الرئيس المكلف تمام سلام ووضعه في أجواء الاتصالات التي أجريت مع الجنرال عون... فكان تأكيد من سلام "ان لا عودة عن مبدأ المداورة في الحقائب...".
"حزب الله"
يرمي المسؤولية على آخرين
واستكمالاً لمشهد العرقلة، فقد لفت اعلان عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب كامل الرفاعي: "ان أطرافاً عدة تحاول تحقيق أي خرق في مسألة تأليف الحكومة وتقريب وجهات النظر، ليس بين العماد عون والرئيس سلام فقط، بل بين سلام و"تيار المستقبل" أيضاً حيث ان هناك خلافاً بينهما حول حقيبة وزارة الداخلية... كاشفاً ان الرئيس المكلف لم يعلم الافرقاء السياسيين بكيفية توزيع الحقائب الوزارية، ولايزال مصيرها مجهولاً...".
مظلوم: لن نقبل تمثيلاً
غير صحيح
بدوره أكد النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، ان "التواصل بين بكركي ورئيس الجمهورية دائم ومتواصل ولم ينقطع... وهو يعرف ما يتمناه البطريرك بشارة بطرس الراعي... مشدداً على ان "البطريركية المارونية لن تقبل بألا يتمثل المسيحيون بشكل صحيح داخل الحكومة الجامعة التي استمر الحديث عنها لأكثر من تسعة أشهر...". لافتاً الى ان "التمثيل الصحيح لا يكون بالعدد فقط، بل يفترض ان تسند اليهم حقائب وازنة...
من جهته دعا نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان، الى "حكومة جامعة شاملة من دون استثناء لأحد، تكون متعاونة لخدمة الانسان عاملة لأمن الوطن واستقراره وراحته...".
وطنية