
حتى منتصف الليلة الماضية، كان الرئيس المكلف تأليف الحكومة تمام سلام يطلب من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ومن الرئيس نبيه بري
أما بري، فأوى إلى فراشه قبل ان يُبلغ المتصلين به: "الصباح رباح. انا نعسان. وإذا سقطت قذيفة قربي، فلن توقظني".
حدس بري كان في محله. صحيح انه جرى تذليل العقبات الرئيسية التي كانت تحول دول تأليف الحكومة، بعد مسعى النائب وليد جنبلاط، لكن مشاورات امس أقفلت على "بعض العقد التفصيلية التي لا تزال بحاجة إلى حل"، إلّا أنّ معظم المعنيين بالمشاورات كانوا يتوقعون صدور مراسيم التأليف اليوم، قبل سفر الرئيس نبيه بري إلى الكويت.
المشاورات كانت قد تعثرت امس، حتى كادت تطيح آمال ولادة الحكومة العتيدة، التي انتظر اللبنانيون اعلانها قبل ظهر أمس، وذلك بسبب رفض رئيس المجلس النيابي وحزب الله تولي اللواء أشرف ريفي وزارة الداخلية، لكن محركات جنبلاط عادت إلى العمل مجدداً مساء أمس، وأحرزت تقدماً.
وأفادت المعلومات بان رئيس كتلة المستقبل النائب فؤاد السنيورة اتصل بعد منتصف ليل أول من أمس برئيس الحكومة المكلف تمام سلام، مستوضحا ما آلت اليه الاتصالات في شأن التأليف، فأبلغه الأخير أن الأمور تسير في طريق التأليف، فأعاد السنيورة تأكيد موضوع اسناد حقيبة الداخلية إلى اللواء اشرف ريفي. ثم جرى اتصال بين السنيورة ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي أبدى رفضه تولي ريفي، أو النائب أحمد فتفت الداخلية، لكن السنيورة قال له "أنتم سميتم وزراءكم، ونحن نسمي وزراءنا، وخصوصا اننا تنازلنا كثيرا في موضوع الحكومة"، إلّا أنّ بري جدد رفضه، قائلا للسنيورة: سبق أن اتفقنا على عدم توزير شخصيات استفزازية. وانتهى حوار الرجلين بتشبث كل منهما بموقفه. وصباح امس، اتصل سلام ببري، فأعاد الأخير تأكيد موقفه: "لا صلة لموقفنا بموقف حزب الله. هذا قراركم. قلتم في البداية إنكم ستأتون بأسماء مقبولة إلى وزارة الداخلية".
كذلك، جدّد الأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري إصرار التيارعلى تعيين ريفي وزيراً للداخلية. وقال في تصريح: "لن نقبل غير اللواء اشرف ريفي وزيرا للداخلية"، ما عقّد الموقف اكثر. وعلم أن شخصيات في قوى14 اذار كانت قد ضغطت على الرئيس سعد الحريري لرفع سقف التفاوض وتسمية ريفي.
وبعدما استفحلت هذه العقدة، وكادت تطيح كل ما جرى الاتفاق عليه خلال مشاورات التأليف، تدخل جنبلاط، من خلال الوزير وائل أبو فاعور، واقترح إبعاد ريفي عن الداخلية، وإسنادها إلى أي شخصية من تيار المستقبل، تكون مقبولة من الجميع. وبحسب مصادر من 8 آذار، فإن حزب الله وحركة امل وافقا على اقتراح جنبلاط، وجوابهما كان: لا مشكلة لدينا في أي اسم من التيار، باستثناء ريفي و(النائب) أحمد فتفت.
وبعد رد قوى 8 آذار على ذلك، حمل بو فاعور موافقتها إلى سلام والحريري. هنا انتقل البحث إلى مكان آخر: "التفتيش" عن وزارة جديدة لإرضاء ريفي، فجرى اقتراح منحه وزارة العمل، بدلاً من روني عريجي ممثل تيار المردة. وعرض سلام الأمر على الحريري، الذي عرض بدوره هذه الحقيبة، وحقيبة الشؤون الاجتماعية على ريفي، الذي رد بما معناه انه ليس مستوزراً ولا يطلب ترضية. وأبلغ الحريري جنبلاط أنه مستعد لتسوية في "الداخلية"، لكنه بحاجة إلى بعض الوقت كي يحدّد اسم مرشحه لهذه الوزارة، ولكي يستوعب الاعتراض من "صقور" تياره، الذين يرفضون أي تنازل للطرف الآخر، و"لا يرون المكتسبات التي تمكنا من تحقيقها في التشكيلة الحكومة"، بحسب مصادر قريبة من الحريري. وتردد ليل أمس أن الحريري يميل إلى تسمية النائب نهاد المشنوق لوزارة الداخلية، لكن مع عدم استبعاد النائب جمال الجراح، واللواء مروان زين (المدير العام الأسبق للأمن الداخلي، وسفير لبنان السابق في السعودية).
كذلك انتقل البحث مع سلام إلى تطبيق المداورة على حقائب أخرى، كي يتمكن الأخير من إسناد العمل إلى تيار المستقبل، بعدما كان مطروحاً أن تكون بيد وزير من تيار المردة. واستمرت الاتصالات حتى ساعة متأخرة من ليل امس لحلّ هذه العقدة، إضافة إلى الحقائب التي ستعطى لحزب الله، والتي لم تكن قد حُدِّدت بعد.
في غضون ذلك، دعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى "عدم تفويت الفرصة على الايجابيات التي تحققت، والمناخات التي سادت"، وشدد على "ان التوافق بين الأفرقاء افضل من التشبث بالطروحات، وأنه يلغي تالياً مفاعيل الاستفزاز والتشنج، كما أنه يفتح الباب واسعا لتجاوز مفهوم المحاصصة وتبادل الفيتوات، وذلك من اجل مصلحة الوطن، وامن المواطن".
من جهة أخرى، أعلن عضو كتلة القوات اللبنانية أنطوان زهرا، "اننا لن نمنح الثقة لحكومة يحوي بيانها الوزاري أي إشارة إلى ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، حتى لو على نحو مبطن، ولن نمنح الثقة لحكومة لا يُدرج إعلان بعبدا، الذي ينأى بلبنان عن الصراعات الخارجية، في بيانها الوزاري". ورجح "صعوبة تحقق هذين الشرطين، وبالتالي صعوبة وصول هذه الحكومة إلى مجلس النواب إذا أُلّفت أساسا".
على صعيد آخر، أفادت وكالة الأنباء السعودية بأن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز استقبل في الرياض، عدداً من المسؤولين السعوديين والرئيس سعد الحريري.
في مجال آخر، طلب الرئيس سليمان من النيابة العامة التمييزية، اعتبار الكلام الذي صدر عن اللواء ريفي في موضوع المخطوف جوزف صادر بمثابة اخبار. وكان ريفي قد قال في مقابلة تلفزيونية "أطلبوا محضر الجلسة المتعلّقة بصادر، ليعرف الجميع مكانه، وسبل الإفراج عنه".
ref:wataniya