
وقال عون بعد الخلوة التي استمرت قرابة ال45 دقيقة: "الزيارة لتهنئة الموارنة واللبنانيين عموما بعيد القديس مارون، ونتمنى أن يكون هناك حل للازمة وتعود المؤسسات الشرعية تعمل بانتظام، ومن الطبيعي ان نقدم التهاني لغبطته ايضا ونتبادل معه القضايا العامة".
أضاف:" تناولنا أيضا المذكرة الوطنية التي صدرت عن بكركي والتي نؤيدها مئة بالمئة، ونتمنى من كل الاطراف اللبنانية التي أيدتها أن نتساعد معا على تطبيقها، خصوصا وان هذه المذكرة تجسد كل المبادىء التي قام عليها لبنان، والتي اذا احترمناها تؤمن الاستقرار والاستمرار للوطن والازدهار والسعادة للشعب".
سئل: ما هو موقف البطريرك الراعي من المداورة وهل هو معكم في هذا الموضوع؟
أجاب:"الحديث ليس سياسيا اليوم، إنما الحديث تعلق بالمذكرة وبالعيد".
سئل: ولكن المذكرة تتضمن بشكل أساسي الأمور السياسية في مقدمها تشكيل الحكومة والاستحقاق الأهم وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
أجاب:" لمن يريد معرفة موقفنا فلينتظره بعد اجتماع التكتل الاسبوع المقبل".
بعدها توجه العماد عون الى كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي للمشاركة في قداس العيد الذي ترأسه البطريرك الراعي وعاونه فيه لفيف من المطارنة والكهنة، وحضره وفد من تكتل "التغيير والاصلاح" والمفرج عنه جوليانو انطون وعائلته وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
العظة
بعد الانجيل المقدس ، ألقى الراعي عظة بعنوان:"حبة الحنطة، إذا وقعت في الأرض وماتت، أعطت ثمرا كثيرا"(يو12: 24)، تناول فيها معاني العيد، ومما جاء فيها: "شبه الرب يسوع سر موته وقيامته "بحبة الحنطة التي، إن لم تقع في الأرض وتمت، تبقى واحدة. وإن ماتت تأتي بثمر كثير"(يو12: 24). إنها صورة عن كمال محبة المسيح التي حملته على قبول الموت فوق الصليب، لفداء الجنس البشري، فأثمر، بقيامته، ولادة البشرية الجديدة المتمثلة بالكنيسة، جسده السري. وبهذا تمجدت محبة الله الذي جاد بابنه الوحيد لخلاصنا، وتمجد المسيح نفسه، الإله - الإنسان، بالقيامة، منتصرا على الخطيئة والشيطان، وعلى الموت والشر. فترك لنا نهج حبة الحنطة، نهج الموت والقيامة في حياتنا اليومية من أجل حمل الثمار الوافرة".
وقال: "هذا النهج تبعه القديس مارون الذي تعيد له الكنيسة اليوم، وتبعه كهنة الكنيسة في رسالتهم الكهنوتية على وجه الدنيا، ثم انتقلوا إلى بيت الآب. ونحن نذكرهم في هذا الأحد وطيلة الأسبوع، ملتمسين الراحة الأبدية لنفوسهم في ملكوت السماء".
أضاف: "يسعدني أن أرحب بكم جميعا وأحييكم، وبخاصة بدولة الرئيس النائب العماد ميشال عون، رئيس التيار الوطني الحر وأصحاب المعالي الوزراء والسادة النواب، أعضاء "تكتل التغيير والإصلاح". إننا في المناسبة نشدد على ما قلناه في "المذكرة الوطنية" التي أصدرناها لمناسبة عيد أبينا القديس مارون، وهو "إعادة التمسك بأساسية الميثاق والدستور والمكتسبات الدستورية"(راجع الفقرات 18و19و21)، بالإضافة إلى ما تطالبون به من محافظة على العرف والثوابت والمسلمات الوطنية، وعلى تمثيل مكونات المجتمع اللبناني السياسية والطائفية، ومشاركتها المتوازنة والمنصفة (راجع بيان 4/2/2014)".
وتابع: "نرحب أيضا بالشاب جوليان جورج أنطون، شاكرين الله على إطلاق سراحه من خاطفيه بعد ثلاثة عشر يوما. ونحيي والديه والوفد المرافق. وقد أتوا ليشاركوا في هذه الذبيحة الإلهية احتفالا بعيد أبينا القديس مارون. ونصلي معهم صلاة الشكر هذه لله سائلينه المكافأة لكل الذين سعوا وتوسطوا لإعادة العزيز جوليان على خير وسلامة، وملتمسين من الله أن يمس الضمائر لكي يوضع حد لأي خطف او احتجاز، إحتراما لكرامة الشخص البشري وحريته، واتقاء لله في حرمة حياة كل إنسان وقدسيتها".
وقال: "يسرنا أن نقدم لكم، ولجميع اللبنانيين، وبخاصة لأبناء الكنيسة المارونية وبناتها في لبنان والشرق الأوسط وبلدان الانتشار، أطيب التهاني والتمنيات بعيد أبينا القديس مارون، راجين بشفاعته أن ينعم الله على الجميع بالنعم اللازمة لخلاصنا، ويحيي فينا روحانية القديس مارون التي تميزت بالنسك في العراء على هضبة معروفة بقلعة كالوتا في جبل سمعان ما بين حلب وانطاكية، وبالانقطاع إلى التقشف والأصوام والصلاة والتأمل في كلام الله وإرشاد المؤمنين وشفائهم بقوة صلاته. بفضل هذا التفاني وهذا المثل - القدوة، تكوكب حوله العديد من التلاميذ الذين نهجوا نهجه، ثم أصبحوا جماعة رهبانية ضمت المئات في دير "بيت مارون" على ضفاف العاصي، في القرن السادس. وصارت في ما بعد كنيسة بطريركية، في أواخر القرن السابع، مع القديس يوحنا مارون البطريرك الأول على كرسي انطاكية، الذي أنشأه القديس بطرس الرسول قبل الانتقال إلى روما".
وتابع: "في مناسبة الاحتفال بعيد أبينا القديس مارون، الذي خصه الله بموهبة اجتراح المعجزات، ندعو شعبنا في لبنان للصلاة إلى الله بشفاعته، ملتمسين من العناية الإلهية أن تنعم على أرضنا بالمطر والثلوج، وقد أصبحت مهددة بالجفاف. فندعو إلى رفع صلاة الالتماس هذه في العائلات والرعايا والأديار، وفي مختلف دور العبادة. ولكن علمتنا الكتب المقدسة أن عطية الأمطار من الله تقتضي منا التوبة إليه والرجوع عن الخطايا والشر وحفظ رسومه ووصاياه. ويقول الرب: "إن سرتم على فرائضي، وحفظتم وصاياي، وعملتم بها، أنزلت أمطاركم في أوانها، وأخرجت الأرض غلالها، وأعطى شجر الحقل ثمره"(أح 26: 3-4).
أضاف: "أتت الساعة التي يتمجد فيها ابن البشر"(يو12: 23). مجد يسوع هو بلوغه إلى كمال المحبة بموته وقيامته. فبالموت صلب خطايا البشر وأزالها بالغفران وأدى العدالة لله، وبالقيامة حقق الانتصار على الموت وأعطى الحياة الجديدة لبني البشر وللعالم.
إلى هذا المجد نحن مدعوون، مجد الانتصار على الخطيئة والشر، ونيل الحياة الجديدة التي منها سعادة الانسان وتقديسه. طريق هذا المجد هو السر الفصحي، الموت والقيامة. ولكن لا أحد يسلك هذا الطريق إلا الذين في قلوبهم محبة الله، ويعيشونها ببطولة. يعلم المجمع الفاتيكاني الثاني أن "جميع المسيحيين مدعوون، في كل حالة ومحطة من حياتهم، إلى كمال المحبة"(الدستور العقائدي في الكنيسة، 40، فقرة 2). هذه الدعوة هي في الأساس من المسيح نفسه: "كونوا كاملين، كما أن أباكم السماوي كامل هو"(متى5: 48).
وتابع: "شبه الرب يسوع حقيقة الموت والقيامة التي تطبع حياتنا المسيحية، "بحبة الحنطة التي إذا وقعت في الأرض وماتت، أعطت ثمرا كثيرا"(يو12: 24). وجعلها نهجا في حياتنا: "من يحب نفسه يفقدها، ومن يبغضها في هذا العالم يحفظها للحياة الأبدية"(يو 12: 25). إنه نهج التجرد من الذات والسعي إلى الامتلاء من القيم الروحية والأخلاقية، إقتداء به. واعتبر الرب يسوع أن صوت التمجيد الآتي من السماء تأييدا له، إنما هو موجه أيضا لجميع السائرين على خطاه في هذا النهج: "ما كان هذا الصوت من أجلي، بل من اجلكم"(يو12: 30).
وقال: "لقد أصدرنا بمناسبة عيد أبينا القديس مارون "مذكرة وطنية"، الغاية منها نقل حقيقة أمورنا الوطنية لجميع المواطنين وللرأي العام العربي والدولي، بهدف النهوض بلبنان، في عهد رئيس جديد للجمهورية ينتخب في موعده الدستوري، والتحضير للاحتفال بالمئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير (1920-2020)".
وتابع: "كنا قد أصدرنا في سنة 2009، مع المركز الماروني للتوثيق والأبحاث، "شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة وخصوصية لبنان"، بهدف توفير ثقافة وطنية لشعبنا حول مفهوم العمل السياسي كفن شريف لخدمة الانسان والخير العام، وحول قيمة لبنان الحضارية، وخصوصية ميثاق العيش معا بالمساواة، وصيغة المشاركة المتوازنة في الحكم والإدارة، وحول معايير إنتخاب النواب الواعي والمسؤول، وحفظ حق المواطنين بالمساءلة والمحاسبة".
وقال: "اليوم، مع المذكرة الوطنية، نستكمل هذه الثقافة الوطنية باستعادة الثوابت الوطنية، ووعي الهواجس الراهنة، وإرساء أسس الانطلاق نحو المستقبل، وتحديد الأولويات للنهوض الكامل بلبنان والتهيئة للاحتفال بمئويته الأولى.
نأمل أن تكون هذه المذكرة الوطنية موضوع تثقيف في المدارس والجامعات، وفي الأندية والمنتديات، والأحزاب والتنظيمات، وفي المنظمات الرسولية والحركات الشبابية".
وتابع: "نذكر اليوم الكهنة المتوفين، فنصلي لراحة نفوسهم. ونصلي من أجل الكهنة الأحياء، لكي يتحلوا بالمحبة الكاملة، وبروحانية أبينا القديس مارون، ولا سيما التجرد والصلاة وإماتة الذات وإرشاد النفوس، فيما هم يمارسون خدمتهم المثلثة: التعليم والتقديس والتدبير.
ونصلي أيضا من أجل الدعوات الكهنوتية، لكي يثبت الله الموجودة، وينعم على الكنيسة بدعوات جديدة، كهنوتية ورهبانية، من أجل تلبية حاجات الكنيسة في لبنان والشرق الأوسط وبلدان الانتشار".
أضاف: "حبة الحنطة، إذا وقعت في الأرض وماتت، أتت بثمر كثير"(يو12: 24). من حبات الحنطة الآباء والأمهات الذين يتفانون، بل "يموتون عن ذواتهم" في سبيل أولادهم، إعالة وتربية وبناء مستقبل. فلا بد من إكرامهم واحترامهم وحفظ سلامتهم".
وقال: "لقد آلمنا في العمق، كما آلم كل اللبنانيين، بل كل زوج وزوجة وبخاصة الأولاد، العنف الزوجي ضد المرأة، الذي أودى، في الأمس القريب، بحياة الزوجة منال العاصي ومن قبلها رولى يعقوب. أود أولا الإعراب عن قربي الروحي والإنساني من أهل الضحيتين والأولاد، وعن مشاركتي لهم في الأسى والصلاة. وفيما الكنيسة تشجب وتحرم العنف المنزلي الجسدي على الزوجة، والعنف الجنسي الممارس على المرأة، لكونهما تعديا على كرامة المرأة وقدسية حياتها واحترام شخصها، نطالب الدولة بإصدار قوانين تحمي المرأة من هذا العنف بكل أشكاله".
وتابع: "إنا في المناسبة، نذكر بأن الكنيسة تمنع زواج القاصرين، من دون موافقة الوالدين. ونظرا لخطورة الزواج وموجباته ومسؤولياته، تشجع على عقده بعد تخطي سن الرشد. وقد أنشأت في الأبرشيات مراكز لتحضير الخطيبين للزواج بكل أبعاده اللاهوتية والاخلاقية والقانونية، ولجهة المسؤولية في الانجاب والتربية. فينبغي حماية القاصرين وبخاصة القاصرات من الزواج المبكر. وعلى الوالدين أن يسهروا على أولادهم ويحافظوا على الوحدة العائلية وجوها العاطفي السليم".
وختم الراعي: "إننا في هذه المناسبة المقدسة، نرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين". Ref:Wataniya