
وعدوى الترقيع انتقلت من المسؤول الى المواطن الذي أخذ هو بدوره يرقع كل شيء في حياته العامة والخاصة! حتى أصبحت درجة الترقيع عند المواطنين أنهم صاروا يرقعون عن المسؤول ويبررون أخطائه.
فإذا أخذنا مثلاً أي حادثة مخالفة للقانون في لبنان، تقوم الدنيا ولا تقعد في الإعلام ليوم أو يومين، ومن ثم ترقع الخبريّة وتغيب عن الإعلام وينساها الناس... ولكن أساس المشكل موجود وهو بحالة إهتراء أما الترقيع فأعطاه هالة الجديد. مع الوقت ستسقط الرقعة لأنها محيكة على حالة إهتراء وعفن. مع سقوطها ستساوي بالقيمة الإهتراء لأنها صارت مع الأرض على مستوى الأقدام والحوافر. كما أن عفن المرقع فيها أي المشكلة سيمتد على الرقعة الجديدة فتصبح هي الأخري بحاجة الى رقعة.
أو مثلا دخول الموظفين الجدد الى كافة إدارات وأسلاك الدولة في جميع الفئات والدرجات. وهذه حالة جداً عادية تحصل من ضمن القانون الإداري ومجلس الخدمة المدنية أو القوانين الخاصة ببعض أسلاك الدولة. فإذا سلّمنا جدلاً أن معظم المتبارين على الوظائف يضعون أمام أعينهم خدمة الوطن والمواطن من ضمن القوانين. وأن أقلية من هؤلاء المتبارين يدخلون لأنهم يريدون أن يستفيدوا شخصياً من حدّ السلطة وما تستجلبه لهم من خيرات قد تصل بهم الأمور لأجلها الى مخالفة القوانين أو حتى خيانة الدولة والوطن والمواطن. إذاً لن نتكلم عن الفئة الثانية لأنها رقعة معفنة من أصلها. علماً أن النِسَب وضعناها فقط على سبيل الجدل. الفئة الأولة هي كالرقعة الجديدة التي ستضاف الى الثوب العتيق وستلاقي المصير الذي تحدثنا عنه سابقاً، مع العلم واليقين والواقع والحقيقة أن هناك رقع من هؤلاء متمسكة بنوعيتها الجيدة وتقاوم في مكانها على الثوب إنتشار العفن اليها أو الوقوع أرضاً. فهؤلاء سيشكلون أساس الثوب الجديد عندما يقع الثوب القديم المعفّن الى غير رجعة.
هذا الأمر أكيد وثابت فإذا عدنا الى إنجيل متى 9:16 نقرأ ما قاله المعلم:" ما من أحد يرقع ثوباً عتيقاً برقعة من قماش جديد لأنها تنكمش فتنتزع شيئاً من الثوب العتيق فيتسع الخرق".
فإذا اعتقدنا أن الدم الجديد الذي يضخ في الإدارة المهترئة سيصلح الأمر فنكون مخطئين لأن العلّة ستكبر وتتسع.
الحل هو بقانون جديد كالثوب الجديد تلبسه الإدارة محل العتيق المعفن، وتبنى من جديد إدارة نظيفة تحافظ على الرقع النظيفة وتحاسب البقيّة.
إدارة جديدة عصريّة موجودة لخدمة مصلحة الوطن والمواطن وللمحافظة على الدولة عبر احترام قوانينها التي هي منبثقة أصلاً من العقد الإجتماعي. فالموظف مسؤول أمام القانون والمواطنين. والموظف ليس زعيماً! وهو إذا حاول التفكير أن يستعمل حدّ السلطة يجب أن يحاكم بجناية تبدأ عقوبتها بعشر سنوات.
إدارة غير طائفية تعمل مع المواطنين باحترام انطلاقاً من احترام الذات. إدارة قائمة على مبادئ الكرامة الإنسانية.
لذا نحن نقول فليحكم القانون.
الفرد بارود
تيّار المجتمع الإنساني
https://www.facebook.com/AlfredMradBaroud