
وفي عهد الخليفة "المعز للدين"، احتل الجيش الفاطمي دلتا النيل بقيادة القائد جوهر، وكان الجيش مؤلفاً من مرتزقة من البربر واليونان والأرمن والأكراد والأتراك والزنوج.
وبعد ان وصل الخليفة الفاطمي "الحاكم بأمر الله" الى الحكم سنة 996 م، الذي اعتبر من اكثر الطغاة المتعصبين، حيث استعمل اجراءات قاسية ضد المسيحيين في مدينة القدس ودمشق، وتوج قساوته بهدم كنائس كثيرة
لم يحصل ان تعرض المسيحيون في عهد الخلفاء الفاطميين لهذه المضايقات، لكن هذا الخليفة كانت امه مسيحية وكان خالاه، اورست بطريرك القدس، وأرسان بطريرك الإسكندرية للملكيين الذي اعدم بأمر من الخليفة نفسه.
ان التدابير المذلة التي طبقت على المسيحيين في عهد الخليفة الحاكم "بأمر الله" لم تطبق الاّ في عهد الأمويين من قبل الخليفة عمر بن عبد العزيز(771-720) م والخليفة العباسي العاشر المتوكل
(847-861)م.و قد اضاف عليها فنوناً اخرى من الإذلال، حول الملبس، تمييزاً للذمي من المسلم.
وكان عدد المسيحيين في ذلك الوقت في مصر وسوريا، يساوي عدد المسلمين ان لم يكن اكثر منه.
و لا بد من ذكر "العهدة العمرية": الذي طلب الخليفة عمر بن الخطاب تطبيقها على المسيحيين في القدس. حين رأى ان عمر بن العاص وابو عبيدة بن الجراح قد طلبا من المسيحيين في القدس ثلاثة امور هي: "الإسلام او الجزية او القتال " وتضمنت العهدة ما يلي: "الا يحدّثوا في مدينتهم ولا في ما حولها ديراً ولا كنيسة ولا بيت عبادة ولا صومعة راهب، ولا يجّددوا ما خرب، و لا يمنعوا كنائسهم ان ينزلها احد من المسلمين ثلاث ليالي ويطعمونهم، ولا يؤوا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين ولا يعلّموا اولادهم القرآن ولا يظهروا شركاً ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام ان ارادوا، وان يوقروا المسلمين، وان يقوموا لهم من مجالسهم اذا ارادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم، ولا يتكنوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور وان يجزوا مقاد روؤسهم، وان يشدوا الزنانير على اوساطهم، ولا يظهروا صليباً، ولا شيء من كتبهم من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا اصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء في حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يشتروا من الرقيق ماجرت عليه سهام المسلمين، وإن خالفوا شيئاً من ما شارطوه فلا ذمة لهم. و قد حل للمسلمين ما يحل من اهل المعاندة والشقاق ."
هذا ما اورده الشيخ ابن القيم الجوزية نقلا عن عبد الرحمن بن غنيم الذي كتب في مصالحة الخليفة عمر ابن الخطاب مع اهل الشام.
وهذا ما يفعله التكفيريون، لكنهم تخطوا ذلك مع اهل السنة الذين يخالفوهم الرأي السياسي.
1- دولة الأغالبة، حكمت بلاد إفريقيا الشمالية اثناء الخلافة العباسية (800-909)م، عاصمتها القيروان، اسسها إبراهيم بن الأغلب، قضى عليها ابو عبداللة الشيعي داعي الفاطميين.
2- جوهر الصقلي، مسيحي الأصل، اعتنق الإسلام، قائد الجيش الفاطمي، فتح مصر سنة 969 م للخليفة (المعز) وانشأ مدينة القاهرة وبنى جامع الأزهر.