
وإذا كان حل عقدة ميشال عون بيد حليفه "حزب الله" الذي كان قد تعهد للرئيس المكلف قبل خمسة أيام بإعطائه جوابا (لم يأت بعد 48 ساعة كما كان مقررا)، فإن قضية تحديد الحقائب، رفض الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط وقيادة "حزب الله" التهاون فيها، وهم تمنوا على الرئيس المكلف أن يحدد لهم الحقائب، ليقرروا الأسماء المقترحة، على أن يصار الى تبديل أي منها اذا استخدم كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حق "الفيتو" على أحدها.
واذا كان البعض قد سرّب أن خيار حكومة الأمر الواقع، سواء أكانت سياسية جامعة (8+8+8) أو محايدة، أعيد وضعه على الطاولة، في الساعات الأخيرة، فإن وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور تحدث عن صيغ قيد البحث من شأنها تسهيل موضوع الحقائب، رافضا الخوض في تفاصيلها، مجددا تعويله على تعاون الجميع من أجل التقاط هذه الفرصة، وقال لـ"السفير" إن المراوحة لا تعني أبدا أن الأمور تراجعت الى الوراء، طالما هناك ارادة سياسية عند الجميع بالذهاب الى حكومة وحدة وطنية تحصّن البلد.
في غضون ذلك، ينتظر الرئيس سلام حصيلة مشاورات "حزب الله" مع العماد عون، ومشاورات "تيار المستقبل" مع "مسيحيي 14آذار"، في ضوء قرار "القوات اللبنانية" النهائي بعدم المشاركة، قبل أن يحمل التشكيلة الحكومية الجامعة الى قصر بعبدا، وهو عقد، ليل أمس الأول، جلسة مطولة مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان في بعبدا تم خلالها التداول في جميع السيناريوهات المطروحة على صعيد توزيع الحقائب السيادية والأساسية والثانوية.
وإذا كان سلام لا يزال يعطي الاتصالات داخل كل من فريقي "8 و14 آذار" فسحة من الوقت، إلا أن الأكيد وفق زوار المصيطبة أن هذه الفسحة تضيق يوما بعد يوم، وأن تشكيل الحكومة لن يتأخر كثيرا، وإن يكن الرئيس المكلف يتجنب ربط نفسه بمهلة محددة.
وقال سلام لـ"السفير" إن الجهود مستمرة لتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، لافتا الانتباه الى أنه لم يعد جائزا الانتظار طويلا، ليس فقط لأن الوضع في لبنان لا يحتمل هدر المزيد من الوقت، بل لأن هناك فرصة متاحة الآن لتأليف الحكومة الجامعة، بدعم إقليمي ودولي، وينبغي الإسراع في التقاطها واستثمارها، قبل ان تمضي.
وأضاف أن هذه الفرصة متقاطعة مع إرادة داخلية جامعة بمحاصرة كل الظواهر التي تشكل خطرا على البلد واستقراره، والتي لا تستهدف منطقة أو طائفة بل تستهدف الجميع.
ونقل زوار سلام عنه تمسكه بممارسة حقه وصلاحيته بتوزيع الحقائب على مكونات الحكومة السياسية، بالتشاور مع رئيس الجمهورية، مع الأخذ في الاعتبار وجوب اعتماد العدالة في التوزيع، ومراعاة التوازنات الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية، مشيرا الى انه في حال تُرك لكل طرف ان يختار الحقيبة التي يريدها، فسنفتح بابا أو بازارا لن يكون من السهل إقفاله.
واعتبر ان المداورة صحية وضرورية، لانه لا يجوز ان تكون هناك حقيبة وزارية حكرا على أي طائفة او مذهب، مشيرا الى ان الاعتراض على المداورة يصبح غير مبرر ما دامت ستشمل الجميع من دون أي استثناء.
وأشار الى ان الوزارات هي مؤسسات باقية، في حين ان الوزراء يأتون ويذهبون، وعلى كل وزير جديد ان يبدأ من حيث انتهى سلفه، وأن يبني على النجاحات التي حققها من كان قبله.
وفيما نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه، أمس، مجددا قوله إن لا تحالف رباعيا جديدا وأن لا ارادة بتهميش أي مكون سياسي في المقلبين الآذاريين، أكدت أوساط بارزة في "التيار الوطني الحر" لـ"السفير" ان "التيار" لا يزال عند قناعته بان المداورة المطروحة ليست مبررة، ما دام عمر الحكومة لن يتعدى حدود الشهرين، ربطا بموعد الانتخابات الرئاسية، وبالتالي فان الاصرار عليها ينطوي على استهداف مقنّع لـ"التيار".
وأضافت هذه الاوساط: أما في حال عدم إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، فإن ضمان التمثيل المسيحي الوازن يصبح أكثر ضرورة وإلحاحا، لأنه سيكون بمثابة التعويض المتاح عن الفراغ في الموقع الاهم للمسيحيين في النظام وهو موقع الرئاسة.
ولفتت الاوساط الانتباه الى انه "يراد تحت شعار المداورة ان تؤخذ منا الحقائب السيادية والاساسية التي نشغلها حاليا، من دون أن نعطى في مقابلها ما يوازيها"، مشيرة الى ان المطروح ان تُنتزع من "تكتل التغيير والاصلاح" وزارة الدفاع في حين ان الوزارات السيادية الموازية وهي الخارجية والداخلية والمالية مجيّرة منذ الآن للآخرين، وإذا كانت الحجة أن رئيس الجمهورية المسيحي سيحظى بحصة منها، فإن ما يفوت أصحاب هذا المنطق ان الرئيس سيغادر منصبه بعد شهرين، كما انه ليس واضحا ماذا سيكون البديل عن الحقائب الاساسية الاخرى الموجودة بحوزة "التيار" وهي الطاقة والاتصالات والعدل.
وردا على سؤال حول ردة فعل "التيار" اذا تشكلت حكومة أمر واقع سياسية، أجابت الأوساط نفسها: "ليجرّبونا... وعندها سيجدون الجواب المناسب".
طرابلس: اضراب عام غدا
وفي موازاة استمرار لملمة الضاحية الجنوبية آثار التفجير الارهابي المجرم، وسط اجراءات أمنية تم تعزيزها عند كل مداخلها وفي شوارعها الرئيسية، كادت الاعتداءات المتكررة على الجيش اللبناني في مدينة طرابلس تهدد بتداعيات خطيرة، بعدما تعرضت دورية عسكرية، صباح أمس، لهجوم مسلّح بوابل من الرصاص وبقذيفة "آر بي جي" أصابت إحدى الملالات، ما أدى الى إصابة 8 عسكريين، بترت ساق أحدهم، ثم ما لبث آخر أن فارق الحياة، ليرتفع عدد الاصابات في صفوف العسكريين خلال 24 ساعة الى شهيد و17 جريحاً، بينهم ثلاثة ضباط.
وعلى الاثر، سارعت فاعليات المدينة الى تدارك الموقف قبل تفاقمه، وعقد اجتماع نيابي ـ أمني في دارة الرئيس نجيب ميقاتي بحضوره، توسع لاحقا ليشمل المشايخ وفاعليات التبانة ومحيطها.
وعلمت "السفير" أن الاجتماع أفضى الى الآتي: استكمال الخطة الأمنية في المدينة، إدانة التعرض للجيش اللبناني، التوافق على وقف فوري لاطلاق النار، تشكيل لجنة في "المناطق الساخنة" تقوم بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية بمعالجة أي خلل أمني يحصل، عدم تغطية أي شخص يطلق النار في اتجاه الجيش.
وقال مصدر عسكري لـ"السفير" إن أي اعتداء جديد على الجيش سيكون الرد عليه قاسيا، "مهما كلف ذلك من أثمان"، مؤكدا أنه ستتم ملاحقة من نصبوا الكمين لدورية الجيش لتوقيفهم واحالتهم الى القضاء المختص.
وقررت الهيئات الاقتصادية والأهلية في المدينة تنفيذ اضراب عام احتجاجي غدا، استنكارا لما يجري في عاصمة الشمال