
ولخّص البيان الختامي للمؤتمر الذي صدر عن قصر الاليزيه توصيات المؤتمر وتوجهاته التي يمكن اجمالها بدعم ترسيخ الاستقرار الداخلي وتحييد لبنان عن تداعيات الازمة السورية والاطلالة على الاستحقاقات الدستورية من باب التشديد على اهمية اجرائها، ناهيك بتوفير الدعم المعنوي والمالي والاقتصادي للبنان. دعا المؤتمرون في هذا السياق الى "استمرار الدعم الدولي للبنان لمساعدته على مواجهة المشاكل التي تهدد أمنه واستقراره"، معبّرين عن سرورهم بتشكيل الحكومة واستعدادهم للعمل والتعاون مع رئيسها تمّام سلام، كما طالبوا باجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية وشكروا الرئيس سليمان "لعمله للمحافظة على السيادة والاستقرار في بلده واستمرار المؤسسات وتشجيعه للحوار الوطني ووضعه لبنان بمنأى عن الازمة السورية"، مبرزين ضرورة احترام "اعلان بعبدا". كما شددوا على دور الجيش وتعزيز امكاناته واخذوا علما بآلية التنسيق التي تقررت في شباط الماضي لدعم الخطة الخمسية للجيش، معلنين انتظارهم اجتماع روما الذي سيعزز المساعدات الدولية للجيش.
اتفاق المختلفين
وقالت أوساط الرئيس سليمان لـ"النهار" إن ما تحقق امس في الاجتماع الوزاري الدولي في قصر الاليزيه هو "تأمين مظلة دولية واقية للبنان"، فظهر وزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف، المختلفين على اوكرانيا متفقيّن على الاستقرار في لبنان"، وأوضحت ان المحادثات التي أجراها رئيس الجمهورية مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند ومع وزراء خارجية الدول الكبرى والدول الاوروبية تميزت باحتلال "اعلان بعبدا" صدارة الاهتمام، وقد اعتبر جميع الاطراف أن هذا الاعلان يجسد "السياسة الفعلية الحقيقية التي تعني تحييد لبنان والتي تفرض على جميع المنخرطين في الصراع الدائر في سوريا احترامها". وأضافت ان الوفد اللبناني فوجئ بالاشادة غير المسبوقة بدور الرئيس سليمان منذ مؤتمر نيويورك الذي مهد لاجتماع باريس. ورأى فيه منظمو اللقاء "أبا هذه الخطوة".
وفي ما يتعلق بمسألة اللاجئين السوريين التي هي أساس الاجتماع، أثارت المعطيات التي طرحها الجانب اللبناني وخصوصا "الرقم المخيف" اهتماما واسعا. فهذا الرقم يفيد ان عدد اللاجئين حاليا تجاوز مليوناً ومئتي الف لاجئ، وهو مرشح للارتفاع الى اربعة ملايين السنة المقبلة أي ما يساوي عدد سكان لبنان. وقد عبّر اكثر من طرف دولي عن القلق من الانعكاسات المأسوية والكارثية لهذا الحجم من اللجوء على لبنان على كل المستويات، مع ابراز مخاطر هذا العدد من اللاجئين على فرص العمل المتاحة للبنانيين الذين سيواجهون خطر ترك وطنهم بحثاً عن لقمة العيش. وبناء على هذه المعطيات، انطلقت حملة الاكتتابات التي يأمل لبنان في ان توفر الامكانات الفعلية كي يقوم لبنان بأعباء هذا الملف الضخم، اضافة الى تعهد دولي لتقاسم اعباء اللجوء الى لبنان. ومن اللقاءات التي وصفت بأنها "مهمة" والتي عقدها الرئيس سليمان في باريس، لقاؤه الوزير كيري الذي اشاد بجهود رئيس الجمهورية التي أثمرت تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، متمنيا ان تنال هذه الحكومة ثقة مجلس النواب، واعدا بزيادة وتيرة المساعدات الاميركية للجيش اللبناني. أما اللقاء الذي عقده الرئيس سليمان مع الوزير لافروف على هامش الاجتماع، فقد أكد فيه المسؤول الروسي ثبات سياسة موسكو حيال الموضوع اللبناني والتي لن تتأثر بالتطورات الاخيرة في المنطقة والعالم.
وفي سياق المحادثات، جرى التركيز على الاجتماع التقني الذي ستستضيفه روما الشهر المقبل من اجل توفير المساعدات للجيش اللبناني فيما تعهد الجانب الفرنسي الذي يتولى انفاق المساعدة السعودية البالغة ثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني استعجال تقديم الحاجات الاولية للجيش كي يضبط الامن ويكافح الارهاب.
هولاند
وكان الرئيس الفرنسي لفت في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الى ان اكثر من مليون سوري لجأوا الى لبنان "ومن الفخر للبنان قيامه بمثل هذه الخطوة واستقباله مثل هذا العدد لأنه يعكس كرمه، لكنه يعكس مسؤولية كبيرة وعبئا ثقيلا وعلى المجتمع الدولي ان يدعم لبنان"، محذرا من "عواقب لا بد ان تظهر ويجب الوقوف الى جانب لبنان". وشدد على ثلاث اولويات هي قضية اللاجئين ودعم الاقتصاد اللبناني وضمان امن لبنان والسماح للجيش اللبناني بالحصول على المعدات اللازمة الامر الذي تساهم فيه فرنسا مع السعودية.
اما الرئيس سليمان، فحض الدول على الاستجابة للدعوة الى الاكتتاب في الصندوق الائتماني الخاص بلبنان في اقرب الآجال واعرب عن أمله في ان تعطي خطة دعم الجيش مفاعيلها وان تؤدي الى اعتماد الاستراتيجية الدفاعية التي طرحها على هيئة الحوار. ولفت الى ان حجم الدعم الدولي للبنان في قضية اللاجئين "لا يزال ادنى بكثير من حجم العبء محذرا من ان هذه المشكلة باتت تشكل خطرا وجوديا يطاول الكيان اللبناني على اكثر من صعيد".
بكركي
في غضون ذلك، برز على الصعيد الداخلي امس خروج بكركي عن صمتها في شأن الحملة التي تعرض لها الرئيس سليمان. وأسف مجلس المطارنة الموارنة في بيانه الشهري لهذه الحملة مستنكرا "التطاول على كرامة الرئيس الشخصية ومقامه كرأس للدولة ورمز لوحدة البلاد".
ref:nna