
وقد أثار هذا "الفيتو" موجة تساؤلات وشكوك اضافية عما اذا كان ثمة قرار ضمني بمنع تشكيل الحكومة نظرا الى ما كشفته المعطيات عن ملابسات اللحظة الاخيرة. ذلك ان المعنيين جميعا بآخر التفاصيل التي وضعت في التشكيلة الحكومية كانوا قد وافقوا على طرح تيار "المستقبل" اسم اللواء ريفي لوزارة الداخلية وتحديدا رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف ورئيس مجلس النواب نبيه بري والعماد ميشال عون ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، علما ان "المستقبل" كان طرح الامر من زاوية عدم جواز لجوء اي طرف الى وضع فيتوات على أسماء فريق آخر . وصباحا أبلغ "المستقبل" رفض "حزب الله" توزير ريفي وطلب منه ترشيح اسم آخر، فرفض مشددا على التزام الجميع القواعد المتفق عليها.
وعلمت "النهار" ان الرئيس سليمان تبلّغ من الرئيس المكلّف بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة ان تشكيلة الحكومة الجديدة قد جهزت وفيها اسم ريفي وزيرا للداخلية، فسأله هل وافق "حزب الله" بعد تحفظ على اسم ريفي، فأجاب سلام مؤكداً ان توافقا حصل. وصباح امس تدفقت وفود الاعلاميين على قصر بعبدا بايعاز من دارة المصيطبة لمواكبة اعلان مراسيم الحكومة الجديدة، ثم تبيّن لاحقا ان عقدة الداخلية لم تحلّ كما كان سلام يعتقد. لذا، نشطت الاتصالات ابتداء من بعد ظهر امس وكان الرئيس سليمان يتلقى تباعا المعطيات من الرئيس المكلّف، فيما كان النائب جنبلاط مشاركا في الجهود من خلال موفده الوزير وائل ابو فاعور. وتوقعت مصادر مواكبة ان تكون الاتصالات حاسمة اليوم وإلا فإن ولادة الحكومة ستذهب مجددا الى الثلاجة.
وقال مصدر في قوى 14 آذار لـ"النهار" ان الموقف السلبي لـ"حزب الله" يعبّر عن موقف استئثاري كامل بالحقائب السيادية تقريبا. فبعدما جرى تبديل المواقع بين الوزيرين جبران باسيل وغابي ليّون من "التيار الوطني الحر"، فانتقل باسيل الى الخارجية بدلا من التربية التي آلت الى ليّون أدى ذلك عمليا الى تعطيل توزير شخصية مارونية من 14 آذار في حقيبة سيادية هي الدفاع والتي كانت مقترحة للنائب بطرس حرب. كما جرى تبديل في اسم الوزير الشيعي الذي سيتولى وزارة المال السيادية وهي من حصة الرئيس نبيه بري فنقل الوزير علي حسن خليل الى هذه الحقيبة بدل النائب ياسين جابر المعروف بقدراته الاقتصادية. وهكذا ضمنت 8 آذار "صقرين" في حقيبتين سياديتين مما أطاح التوازن بينها وبين 14 آذار التي حصرت خياراتها بحقيبة سيادية واحدة هي الداخلية مما اضطرها إلى ترشيح اللواء ريفي لهذا المنصب لعلها تحقق بذلك شيئا من التوازن مع 8 آذار لكنها فوجئت بحملة "حزب الله" على هذا الخيار مما دل على ان الحزب له حسابات أبعد مما ظهر حتى الآن.
وتحدثت معلومات ليلا عن طرح أسماء بديلة من ريفي بينها النائب جمال جراح والنائب نهاد المشنوق لكن مصدرا في "تيار المستقبل" نفى تخلي التيار عن ترشيح ريفي.
خطاب الحريري
وسط هذه الاجواء جاء الخطاب الذي القاه الرئيس سعد الحريري في الذكرى التاسعة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري متسما بأهمية استثنائية نظرا الى تركيزه على نواح مفصلية في الواقع الداخلي على مشارف الاستحقاق الرئاسي. وعدّ مراقبون هذا الخطاب أنه من أهم الخطب التي ألقاها الحريري منذ اندلاع الازمة السورية من حيث اعادة رسمه للخط الاعتدالي الذي يتشبث به تيار "المستقبل" رافضا كل تطرف سني او شيعي وكذلك من حيث اعلائه أولوية اجراء الاستحقاق الرئاسي ورفض الفراغ الرئاسي في المنصب المسيحي الاول في لبنان والوحيد في العالم العربي.
وقد ذهب الحريري في هذا السياق الى مخاطبة قواعد تياره بالقول: "تيار المستقبل إما ان يكون على صورة رفيق الحريري او لا يكون... وسنتصدى للتحريض والدعوات المشبوهة لزج اللبنانيين والطائفة السنية خصوصا في حروب مجنونة لا وظيفة لها سوى استدراج لبنان الى محرقة مذهبية". واضاف: "كما يرفض تيار المستقبل ان يكون على صورة حزب الله، فاننا نرفض ان نكون على صورة داعش او النصرة". وفي اشارة عابرة وحيدة الى الموضوع الحكومي لفت الى "اننا أردنا الحكومة خطوة على طريق الاستحقاق الرئاسي"، معلنا "اننا نرفض الفراغ في رئاسة الجمهورية لان دولة يرأسها الفراغ هي برسم الانهيار، ولاننا من مدرسة تعتبر الرئيس المسيحي الماروني اللبناني رمزا للعيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين ونرفض ان يكون منصب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي مرشحا للفراغ".
يشار الى ان الرئيس الحريري كان الشخصية الوحيدة غير السعودية في عداد مجموعة كبيرة من الامراء والمسؤولين السعوديين الذين استقبلهم امس العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز. ref:wataniya