
هل باتت البلاد أمام مشهد سياسي جديد قوامه تحالف خماسيّ في الحكومة، يمكنه إدارة هدنة تسمح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ عام 2005، كان التحالف الرباعي يفتقد التيار الوطني الحر الذي حظي بثقة غالبية مسيحية لا لبس فيها. أما "التحالف" الجديد، فيضم إلى "ثنائي" حزب الله وحركة أمل تيار المستقبل وتكتل التغيير والإصلاح وحزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي. وبالحسابات الطائفية التي تحكم العمل السياسي، ثمة نصاب طائفي تام في هذا التحالف الذي بات الحديث عنه أمراً واقعياً، في ظل الأجواء الإيجابية التي تتسرب ساعة بعد أخرى. النائب ميشال عون أعلن أمس أنه يتوسط بين حزب الله وتيار المستقبل، وتحديداً بين الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري.
ويوم أمس، سبقت إعلان عون خطوة في هذا السياق، من خلال اللقاء الذي جمع صباحاً وزير العدل أشرف ريفي، في منزله في الأشرفية، برئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا. ولئن كان الهدف "الرسمي" للقاء تهنئة ريفي بالوزارة، فإن شكل اللقاء يعطيه أبعاداً أخرى. فقد حضره إلى ريفي وصفا رئيس فرع المعلومات العميد عماد عثمان، ورئيس غرفة العمليات في قوى الامن الداخلي العميد حسام التنوخي. والتنوخي، الذي تربطه علاقة وثيقة بقيادتي الحزب والتيار، هو من رتّب عقد اللقاء الذي كرّس إعادة فتح "قناة التواصل الخلفية"، ذات الطابع الأمني ــ السياسي، بين الطرفين، بحسب مصادر سياسية. وهذه القناة سبق لها أن حافظت على تواصل بين الطرفين إلى حين إحالة ريفي على التقاعد، وارتفاع حدة التوتر السياسي بين الحزب والتيار.
وخلال وجوده في منزل ريفي، أجرى صفا اتصالاً هاتفياً بوزير الداخلية نهاد المشنوق، مهنّئاً إياه بمنصبه الجديد. وقالت مصادر سياسية معنية إن هذه الأجواء "الإيجابية تأتي تتمة لمسعى تأليف الحكومة، ويمكن التعويل عليها في الاستحقاقات المقبلة، بدءاً من البيان الوزاري، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية".
وفي السياق أكد رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أنه التقى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، موضحاً أن "من يريد أن يقوم بوساطة لمحاولة تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة، يجب أن يتحدّث إلى جميع الأفرقاء، ومن هذا المنطلق التقيت بهما".
وعمّا إذا كان قبوله اللواء أشرف ريفي كوزير للداخلية (خلال مشاورات التأليف) أغضب حزب الله، قال عون "لم أكن حاضراً خلال توزيع الوزارت على الوزراء، كما أنني لست رئيس الحكومة المكلّف توزيع الحقائب. حصل خلاف في هذا الموضوع بين حزب الله وتيار المستقبل، وطرحنا نوعاً من الحل لتأليف الحكومة عبر تبديل المواقع، ولكن من دون أن أدخل في التفاصيل، وهذا ما حصل".
وعن التخوّف من توزير النائب نهاد المشنوق وريفي، خصوصاً لناحية التسهيلات التي يمكن أن توفّرها وزارتا الداخلية والعدل للإرهابيين والتكفيريين، رأى عون أن "هذا الموضوع يتعلّق بالقضاء وبالحكومة مجتمعة، وليس بصلاحية وزير أو اثنين".
وأكد عون، في حوار عبر صفحة التيار الوطني الحرّ على موقع فايسبوك، أن "الانتخابات الرّئاسية ستجرى في موعدها"، معتبراً أن "تشكيل الحكومة يساعد على هذا الموضوع".
وفي الإطار ذاته أيضاً، كشفت وكالة "أخبار اليوم" عن أنّ عشاءً أقيم مساء الخميس الماضي في منزل العماد عون في الرابية، اتخذ طابعاً عائليّاً، شارك فيه الوزير جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، وجرى خلال اللقاء تذليل العقبات المتبقية من أمام تشكيل الحكومة. يُذكر أنه جرى التداول خلال الأيام الماضية بمعلومات تشير إلى أن باسيل سافر إلى السعودية الأسبوع الماضي، حيث التقى الرئيس سعد الحريري.
من جهته، حدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أبرز مهمات الحكومة الجديدة، وهي "التحضير لإنتاج المناخات المؤاتية تمهيداً لإجراء الانتخابات الرئاسيّة في مواعيدها الدستوريّة". وأضاف في موقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء" الإلكترونيّة: "التحدي الإرهابي والأمني هو بمثابة تهديد مركزي وأساسي للاستقرار والسلم الأهلي ويتطلب من الحكومة الجديدة رفع مستوى التنسيق بين الأجهزة الأمنيّة". وفي السياق، أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد "أن الحكومة التي شُكّلت تستجيب لكثير من المبادئ والمعايير التي نريدها".
على صعيد آخر، وبينما باشر رئيس الحكومة تمام سلام مهماته في السرايا، يتجالس أعضاء الحكومة الجديدة، الحلفاء والخصوم، جنباً إلى جنب حول طاولة مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الساعة الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، وعلى جدول الأعمال بند وحيد هو تأليف لجنة صوغ البيان الوزاري.
وفيما يمثل موضوعان أساسيان أمام أعضاء اللجنة وهما علاقة الدولة بالمقاومة ومواجهة الإرهاب، رشح عن أجواء كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان وسلام أن عملية صوغ البيان لن تكون بالصعوبة التي بدأ البعض يتحدث عنها، لا بل إن تسهيل تأليف الحكومة سينسحب أيضاً على البيان. وتشير الى أن التصعيد الحالي لدى بعض الأطراف قد لا يترجم داخل لجنة البيان، إذ يعرف الجميع أن الأجواء الإيجابية التي استجدت على علاقات القوى السياسية وسمحت بتمرير الحكومة ستنسحب أيضاً على البيان الوزاري مهما قيل عن خطوط حمر يرفضها هذا الطرف أو ذاك.
في غضون ذلك، دخل سلام السرايا أمس برفقة وزير البيئة محمد المشنوق، مع دعم غربي وعربي، ولا سيما خليجي. واستقبل سلام المهنئين بتشكيل الحكومة، وأبرزهم السفير الأميركي ديفيد هيل والبريطاني توم فلتشر.
ولفت هيل إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الحكومة هي: تعزيز سياسة النأي بالنفس عن النزاع في سوريا التي يعتمدها لبنان، ووضع حدّ للأعمال الإرهابية والعنف، ومساعدة المجتمعات اللبنانية لاستيعاب النازحين من سوريا، وحماية الفرصة المتاحة أمام اللبنانيين لاختيار زعمائهم كرئيس الجمهورية ومجلس النواب بشكل حر وعادل وفي الأوقات المحددة وبالتوافق مع الدستور اللبناني.
من جهته، رأى فلتشر أن "التوافق على حكومة يشكل إشارة قوية إلى أن القوى السياسية تناضل في مواجهة التفرقة والتطرف والتسليم بالأمر الواقع". كذلك تلقى سلام اتصالات تهنئة بتأليف الحكومة، وأبرز المتصلين وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل.
فرع المعلومات يعتقل مشبوهين
أمنياً، نفذ فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي حملة دهم لمشتبه فيهم بالارتباط بمجموعات إرهابية في عدد من المناطق. وأشارت المعلومات إلى أنه جرى توقيف أشخاص يشتبه في علاقتهم مع أفراد في تنظيم كتائب عبدالله عزام. وقد أوقف خلال الايام الماضية كلّ من ح. ا. في الطريق الجديدة وز. ع. في محلة السبيل في طريق الجديدة أيضاً وم. ج. الملقب بـ"الشيخ" في محلة البسطة، علماً بأن صلة نسب تربط بين الموقوفين الأخيرين. ورغم ما تردد عن ارتباط هؤلاء بتنظيم كتائب عبدالله عزام، نقلت معلومات موازية أن الموقوفين لا يزالون في دائرة الشبهة التي لم تثبت بحق أي منهم بعد.
من جهة أخرى، استجوب قاضي التحقيق العسكري فادي صوان ثلاثة موقوفين من وادي خالد هم: ع. ح.، م. ع. وع. م. "في جرم الانتماء الى تنظيم إرهابي مسلح "داعش"، بقصد القيام بأعمال إرهابية"، وأصدر مذكرة توقيف وجاهية في حق كل منهم وأخرى غيابية في حق عمر الساطم الموجود في سوريا. ولفتت مصادر قضائية إلى أن الموقوفين ملاحقون بسبب الاشتباه في وجود دور لهم في عملية تجنيد الانتحاري قتيبة الساطم الذي نفّذ العملية الاتحارية الاولى في حارة حريك قبل أسابيع.
وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام، كان الموقوفون الثلاثة قد انتقلوا إلى يبرود، ثم الى مزارع ريما ومنها الى رنكوس، حيث التقوا أمير "داعش" الملقب بـ"أبو الخير" في مقر المنظمة حيث تلقوا دروساً (…) باتوا بنتيجتها يكفّرون الشيعة والدروز والمسيحيين والعلويين والجيش اللبناني والجيش السوري الحر وجبهة النصرة.
ref:wataniya