
الرواية كما أمكن جمعها من جميع المصادر المعنية تفيد بالآتي:
أولاً: تدخل وسيط قوي، يُعتقَد أنه غير لبناني، لفتح قنوات اتصال فعالة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. حرص الطرفان على عدم التحدث عن الأمر، وكل لأسبابه، لكن الأكيد أن اتصالاً هاتفياً واحداً على الأقل جرى بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، وأن الوزير جبران باسيل ونادر الحريري يتواصلان بصورة دورية لمتابعة تفاصيل كثيرة.
ثانياً: تفاهم الطرفان على توسيع دائرة التشاور، وثمة معلومات غير واضحة عن لقاءات وليس فقط عن اتصالات. وجوهر الأمر بالنسبة إلى العماد عون، هو تأكيده أهمية التفاوض مباشرة مع الحريري في أمر الحكومة وفي أمور أخرى. أما بالنسبة إلى الحريري، فهو تأكيد أن أمر الحكومة بيده، وليس بيد الرئيس المكلف ولا حتى رئيس الجمهورية.
ثالثاً: اقتنع الحريري بأن التنازلات السياسية كما يسميها، قد حصلت، وأن التمسك بـ"شكلية المداورة" لم تعد تفيد. وهو لا يضع فيتو على أي تفاهم يجعل عون موافقاً على الدخول إلى الحكومة.
رابعاً: حصل اختراق من خلال إقناع العماد عون بأنّ ترك حقيبتَي الطاقة والاتصالات ليس آخر الدنيا، مقابل تعزيز مكانته الحكومية، سواء من خلال حقائب أساسية، أو من خلال طريقة توزيع الحقائب. وتمثل الاختراق الأول بإبقاء وزارة الطاقة من حصة تكتل التغيير والإصلاح، وأن تُسنَد إلى وزير أرمني، لا يخضع عادة لسجال أو فيتوات من بقية الأطراف.
خامساً: أن تجري مناقشة لتمثيل العماد عون في الحقائب السيادية الأربع. ومع أن العرض يقول بحصوله على حقيبة الخارجية، فإن الحريري لم يعترض على تولي الوزير باسيل هذه الحقيبة. وهو أمر يوافق عليه حزب الله وحركة أمل والنائب وليد جنبلاط، وبدا أن المعترض عليه هو الرئيس ميشال سليمان فقط.
سادساً: في حال تولي باسيل الخارجية، تكون المالية من حصة الشيعة، وتذهب الداخلية إلى السنّة، فيما تبقى الدفاع مع الأرثوذكس. والذي يقول بالمداورة الشاملة، عليه الإجابة، قبلاً، عن سؤال عن سبب بقاء الوزير سمير مقبل في منصب نائب رئيس الحكومة.
سابعاً: أبلغ الحريري النائب جنبلاط، وكذلك الرئيس المكلف، أنه لن يطرح "اسماً استفزازياً" لتولي حقيبة الداخلية. وترجم الأمر لاحقاً، على شكل أن الحريري سيرشح اسماً لا يرفضه ضمناً حزب الله من دون إعطاء الحزب حق الفيتو المسبق. وفي هذا السياق أكد الرئيس المكلف أن النائب أحمد فتفت واللواء أشرف ريفي ليسا مرشحين لتولي هذا المنصب، وأن النقيب رشيد درباس تلقى اتصالاً مباشراً من الرئيس الحريري اعتذر فيه عن عدم إسناد الحقيبة إليه، بسبب حساسيات شمالية. وإن استقر الحريري على تسمية شمالي لهذا المنصب، فإن الجميع يشيرون إلى النائب سمير الجسر، باعتباره مقبولاً من زوايا مختلفة.
لكن إلى جانب هذه المعطيات، رشح أيضاً أن نقاش عون ــــ الحريري شمل أيضاً البحث في مصير كل الحقائب السيادية. وتردد أن الحريري نصح عون بتولي حقيبة المالية وترك الخارجية للشيعة. بينما ظل الرئيس المكلف رافضاً الكشف عن الحقائب التي قرر منحها لحزب الله على وجه الخصوص، ولبقية الأطراف، علماً أن الرئيس نبيه بري كان قد تلقى تأكيداً بأن حصة حركة أمل ستشمل المالية والأشغال العامة.
لكن هذه الإيجابيات التي دفعت بعض المعنيين إلى توقع تفاهم نهائي عليها خلال الساعات الـ 48 المقبلة، ظلت تعاني من انعكاسات سلبية، بينها بروز معارضة داخل تيار المستقبل لهذا التفاهم مع عون. وهي معارضة يقودها الرئيس فؤاد السنيورة الذي ظل يردد عبارة: اللهم إني قد بلّغت. وهو لا يتوقف عن انتقاد هذا الاتفاق. من جانبهما، عبّر الرئيسان سليمان وسلام عن استيائهما، لأنّ تيار المستقبل كان يرفض أي تفاوض مع عون، وكان يلحّ على الرئيس المكلف بعدم التفاوض معه، "وإذا بالحريري يقود شخصياً التفاوض مع عون، ومن دون علم الرئيسين. وهما آخر من يعلم بالنتائج". وقد وصل الأمر بسليمان إلى إبلاغ "من يهمه الأمر" بأنه يعطي الجميع مهلة يوم واحد، طالباً "إبلاغه بما يجري، وإلا فإنه سيغيّر طريقة عمله في ملف التأليف".
ref:wataniya