
وتحدثت أوساط وثيقة الصلة بالجهود المبذولة للحلحلة عن عقدتين لا يزال الغموض يحيط بالموقف منهما، وتالياً صعوبة تذليلهما: الأولى، إصرار قوى 14 آذار على حقيبة الدفاع انطلاقاً من تمسكها بمساواتها بقوى 8 آذار في الحصول على حقيبتين سياديتين بعدما كانت أعطيت حقيبة الداخلية وتمسّك رئيس الجمهورية ميشال سليمان بحقيبة الدفاع في مقابل حقيبتي المال والخارجية لقوى 8 آذار. والثانية هي عدم معرفة الوزير الذي يريده تيار المستقبل للداخلية بعدما كثرت الأسماء المتداولة لها، من غير رسوّها نهائياً على اسم محدد.
وذكرت الأوساط نفسها أن رئيس الجمهورية بذل أقصى ما يسعه للإسراع في تأليف الحكومة، وهو في حديثه عن مهل محددة لإصدار مراسيمها كان يخاطب القوى السياسية لاستعجالها الاتفاق على الصيغة النهائية، إلا أن دور سليمان يتوقف عند هذا الحد، وهو لا يسعه إرغام رئيس الحكومة المكلف تمام سلام على صوغ تشكيلة ما لم يكن قد توصل الى تصور نهائي لها.
من جهتها، ذكرت مصادر مطلعة أن الرئيس المكلف لا يزال ينتظر تسمية تيار المستقبل اسمي الوزيرين السنيّين، ولم يحسم بعد إن كان المرشح السنّي لوزارة الداخلية منهما أو لا. وأشارت الى أن "المستقبل" يريد التأكد من أن الحكومة ستبقى قائمة، وهذا رهن بموقفي 8 آذار والنائب وليد جنبلاط. وتحدثت عن أن "المستقبل" يجري مشاورات مع كل الأطراف، بمن فيهم تكتل التغيير والإصلاح، وفي ضوء ذلك ستتضح مواقف الطرفين من تأليف الحكومة.
وفي السياق، ذكرت أوساط في قوى 14 آذار أن فرنسا حثّت الحريري على الدفع في اتجاه تأليف الحكومة والإفادة من الظروف الإقليمية الراهنة من أجل الخروج بحكومة في الوقت الضائع.
لكن رغم الاعتقاد بعدم وجود ضغوط إقليمية في الاتجاه المعاكس للتأليف شبيهة بتلك التي أوشكت أن تنضج الطبخة منذ منتصف الشهر الماضي وحرّكت بسرعة قياسية التفاهمات الداخلية وكادت مراسيم الحكومة تصدر بين ساعة وأخرى، تلاحظ مصادر رسمية أن ثمة تلاقياً ضمنياً بين تيار المستقبل وحزب الله على كبح اندفاع التأليف قد لا يكون على علاقة وثيقة ومباشرة بموقفين سلبيين مستجدين من الرياض وطهران. فالرئيس سعد الحريري لم يحسم نهائياً التباين في صفوف تياره حيال الحقائب والتوزير، فيما يبدو أن حزب الله انحاز نهائياً الى حليفه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون في موقفه من الحكومة الجديدة.
وفيما ينتظر أن يصدر عون اليوم موقفاً ممّا يجري على صعيد تأليف الحكومة، أفادت مصادر وزارية في التكتل أن البيانين الأخيرين اللذين أصدرهما عون عن الاستحقاق الحكومي حددا السقف اللبناني الداخلي للتأليف، ووضعا الاستحقاق في إطاره المحلي، إضافة إلى البعد الإقليمي. وأشارت إلى أن التكتل لن يقبل بأقل ممّا رسمه في البيانين، خصوصاً أن البطريرك الماروني بشارة الراعي لاقى عون في موقفه. ورأت أن القائمين على عملية التأليف ضيّعوا فرصة إقليمية ودولية كان يمكن الإفادة منها من أجل تأليف الحكومة.
وأكد عون أنه غير مستعد لأي تنازل في هذه اللحظة. وهو يؤيّد تقريب ملف الانتخابات الرئاسية.
أما حزب الله فجدد تمسكه بتحالفه مع عون على حساب أي تسوية حكومية. وأبلغ موقفه هذا إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب وليد جنبلاط. كذلك أبلغ سليمان وسلام وجنبلاط رفضه بصورة مطلقة أن تسند حقيبتا الدفاع والداخلية إلى "غير الوسطيين". وهذا ما دفع الحريري الى رفع السقف من جديد، وإبلاغ الآخرين أنه لم يعد مستعداً لتحمّل المزيد من التنازلات. واتهم حزب الله بأنه يتخذ من موقف عون ذريعة لأجل منع قيام الحكومة الآن.
ووسط هذه التعقيدات، بات جنبلاط، بحسب أوساطه، محبطاً من إمكان حصول تنازلات كبيرة. وهو يشعر بأن المسألة باتت رهن تنازل قوي يقوم به سليمان وسلام، وقد يغضب فريق 14 آذار. وفي الخلاصة، بات من الواضح أن أطرافاً عدة أساسية لم تعد متحمسة لقيام الحكومة الآن.
من جهتها، أكدت مصادر كتائبية أن العقدة اليوم، بخلاف ما تردد، ليست عند الكتائب، بعدما حسم أمر إعادة وزارة الدفاع إلى حصة رئيس الجمهورية، وستكون حصة الكتائب وزارة العدل لرمزي جريج ووزارة الاقتصاد أو الإعلام أو الاتصالات لسجعان قزي، مع العلم بأن الأخير كان مطروحاً للدفاع، فيما لو أعطيت هذه الحقيبة لقوى 14 آذار، لكن هذا الأمر لم يعد مطروحاً.
ولفتت أول من أمس خلوة في بكركي بين البطريرك الراعي وعون لحوالى 45 دقيقة، قبل قداس عيد مار مارون والكلام الذي توجه به الأول إلى الثاني خلال عظته، بحضور وفد من التكتل، بينما كان سليمان يحضر قداس الجميزة.
وخلال عظته، أيّد الراعي مطالب عون الحكومية، متوجهاً إليه بالقول: "نشدد على ما قلناه في المذكرة الوطنية، وهو إعادة التمسك بأساسية الميثاق والدستور والمكتسبات الدستورية، إضافة الى ما تطالبون به من محافظة على العرف والثوابت والمسلمات الوطنية، وعلى تمثيل مكونات المجتمع اللبناني السياسية والطائفية ومشاركتها المتوازنة والمنصفة".
Ref:Wataniya