| |

أضاف: "القضاء يفصل في كل ما يمس بحياة الناس وأموالهم وكل ما يعرض عليهم من نزاعات وخصومات. لذلك تعتبر هذه المهنة من أكثر المهن مسؤولية وخطورة، ومن يمارسها عليه أن يتميز بالقيم الأخلاقية وبالضمير الحي وبالحث الإنساني، كما عليه أن يتميز بسعة الأطلاع والموضوعية ورحابة الصدر وتقدير وفهم الآخرين. ومن سماتهم تعرفونهم. إنه شخص يجسد ويمتاز بكل هذه الصفات. إنه من أهل البيت، من أهل الحكمة، هو أستاذ محاضر سابق في كليتي الحقوق والعلوم الإدارية في جامعة الحكمة، إنه صديق وأخ كبير أعتز وأفتخر به، إنه القاضي جان فهد، الذي يؤكد على إعادة القضاء الإهتمام اللازم كونه الملاذ الأخير الذي يلجأ إليه الوطن والمواطن والمجتمع لحماية حقوقهم".
فهد
ثم ألقى فهد محاضرة استهلها بشكر جامعة الحكمة على مقارتها لمواضيع تهم الوطن والمواطن، وقال: "لكل زمان علمه الخاص تماما كلغته الخاصة، فكما كانت اللغة اللاتينية وعلوم الفلسفة والفيزياء والكيمياء تشكل اساس العلوم في زمن مضى، أصبحت الانكليزية وعلوم الاقتصاد والتكنولوجيا والمعلوماتية الإدارية، ركائز هذا الزمن. ولا شك أن العولمة التي أدت إلى تلاشي الحدود السياسية والقانونية والاقتصادية بين الدول شكلت عاملا مساعدا في ذلك. اليوم لم تعد الدولة تشكل محور النظام بل أصبحت فرعا من النظام الاقتصادي العالمي مما أدى إلى اضمحلال الحدود بين الدول. فبعدما كان نظام الدولة يشكل محور أنشطتها ولاسيما القانونية والقضائية منها، اصبح هذا النظام يشكل فرعا من النظام العالمي وأصبحت المؤسسات الدولية كالبنك الدولي عبر تقارير دورية كتقرير Doing business، تضع تصنيفا للدول وتروج للنظام الانكلوساكسوني بأنه الأفضل للتنمية. وبعدما كان القانون يضع إطار الأنشطة الاقتصادية أصبحت هذه الأخيرة بتطورها السريع توجب على القضاء،الاجتهاد وعلى القانون التعديل، للتكيف معها".
أضاف: "مثال على ذلك، أصبحت المعلومات الشخصية للأفراد سلعا، لها قيمة اقتصادية. هل تعتقدون حقا أن برنامجا كالفيس بوك يساوي فعلا مائة مليار دولار أميركي أم أن برنامجا كواتس اب يساوي فعلا ستة عشر مليار دولار؟ طبعا لا، فهذه البرامج بسيطة جدا في هيكليتها، أما المبالغ الباهظة المحددة لها فهي ثمن المعلومات التي تحتويها أو التي تعبر هذه البرامج. هذه المعلومات الشخصية عن كل واحد منكم، عن نمط حياته وذوقه وعن خياراته وتفضيلاته لها قيمة كبيرة بالنسبة للشركات العملاقة عند تحديدها لخياراتها الاقتصادية فتنتج ما يحلو لكم استهلاكه بهدف تحقيق الأرباح. ويقتضي بالتالي على حكم القانون تنظيم العلاقة بين الفرقاء في هذا النوع من العقود حيث تغدو المعلومة موضوع العقد كما ينبغي إيجاد وسائل لحماية الأفراد أصحاب هذه المعلومات ولإعلامهم بإمكانية معرفة الغير بها وبانتقالها وبانتشارها وبإقدام الغير على استثمارها".
وتابع: "مثال آخر، من منكم لا يعتبر أن التملك هو غاية الشراء؟ ان هذه المسلمة هي عرضة للتغيير مع اتجاه الشركات العالمية الكبرى إلى الاستعاضة عن بيع المنتج لصالح بيع استعمال هذا المنتج. فيصبح بالإمكان شراء الحرارة لا المكيف والضوء لا التجهيزات الكهربائية والتنقل لا السيارة، وذلك بهدف ترشيد استهلاك المواد الأولية واستعمالها لإنتاج أجهزة وآلات لا تستهلك بسرعة. وقد بدأت شركة الإطارات "ميشلان" بتطبيق هذا النوع من العقود على زبائنها الصناعيين فتقوم بفوترة الإطارات التي يستعملونها على أساس عدد الكيلومترات والوزن المنقول عليها وتبقى هي المالكة لهذه الإطارات فتتكفل بصيانتها وإصلاحها وتستعيدها في نهاية العقد، وبالتالي أصبح لزاما على القضاء التكيف مع هذه الثورة الجديدة التي تعلن منذ الآن نهاية الاقتصاد التملكي الاستهلاكي وربما نهاية هيمنة عقد البيع على غيره من العقود، وأصبح عليه استنباط حلول للنزاعات التي يمكن أن تطرأ على هذه العقود ريثما يقوم المشترع بقوننتها. ولكن هل تركت هيمنة الاقتصاد هامشا ما لحكم القانون في التنمية الاقتصادية؟"
وقال: "أثبتت التجربة أن تفلت الاقتصاد من أي رقابة قاد لمرات عدة في التاريخ الحديث إلى أزمات وانهيارات اقتصادية (أميركا 1929 ارجنتين 2001 البرازيل 2002 أميركا 2007 اليونان 2009 اسبانيا 2010) آخرها تلك التي حدثت في الولايات المتحدة الأميركية وانتقلت منها إلى أوروبا الغربية ووصلت بعض ذيولها إلى آسيا. هذه الأزمات أكدت على الحاجة إلى حكم القانون لضمان وجود تنمية اقتصادية على أسس سليمة. فما هو حكم القانون؟
بحسب تعريف ورد في برنامج الامم المتحدة الإنمائي انه نظام تؤمن فيه حماية متساوية للحقوق العائدة إلى الأفراد والجماعات، كما يسلتزم فرض عقوبات متساوية وفقا للقانون. وهو يسود على الحكومات، ويؤمن معاملة جميع المواطنين بالتساوي أمام إدارة كفوءة، وأن يكونوا خاضعين للقانون لا لمشيئة القوي، وتحكم فيه بين الناس سلطة قضائية مستقلة".
أضاف: "من التدقيق في هذا التعريف، يمكن الجزم بأن حكم القانون يمكن أن يلعب دورا محوريا في التنمية الاقتصادية، وهو يرتكز على أسس عدة كالتشريعات القانونية التي تشكل أساسا لحكم القانون ويقتضي أن تكون عامة، واضحة ومجردة تنطبق على جميع الأشخاص الذين هم في مركز قانوني واحد. ولكي يكون لهذه القوانين دور إيجابي في التنمية الاقتصادية يجب العمل دائما على تطويرها، كقانون التجارة اللبناني الذي يتضمن نظام الإفلاس، هل تعلمون أنه لغاية اليوم قد يعلن إفلاس التاجر، في لبنان وتكف يده عن إدارته جميع ممتلكاته إذا أصبح معسرا، أي أنه لم يعد يملك سيولة كافية لإدارة تجارته، ولو كان يملك من العقارات ما يساوي أضعاف أضعاف قيمة ديونه، وهو نظام تخلت عنه أكثرية البلدان المتطورة منذ زمن، في قضية بنك انترا، لقد تم إيفاء جميع ديون هذا البنك ولا يزال مفلسا رغم ملكيته لأصول عقارية وأموال منقولة لغاية الآن. فضلا عن ذلك يجب العمل دوما على خلق تشريعات جديدة للتشجيع على دمج الأصول أو تجزئتها وتأمين التوازن بين الدائنين والمدينين. (وقف الفوائد، تحديد نسبها، تقسيط الديون الخ) التشريعات المتعلقة بالأسواق المالية".
وتابع: "الأساس الثاني هي الكفاءة الإدارية، اذ لا يمكن الحديث عن حكم القانون إذا كانت الدولة تفتقر إلى أجهزة إدارية كفوءة وفعالة وخالية من الفساد ولاإذا كانت تفتقر إلى أجهزة أمنية ذات درجة مهنية عالية. لا شك أن التشريع يشكل أحد أهم أدوات السياسة الاقتصادية للدولة، إلا أن السياسة الاقتصادية عينها لا يمكن أن تكون فعالة إلا بقدر فعالية الموظفين العامين المولجين بتطبيق هذه السياسة ضمن إداراتهم. وأعطي أمثلة على ذلك، في الأرجنتين أدى تطبيق سياسات اقتصادية بصورة خاطئة إلى انهيار كامل لاقتصادها بين 1998 و2002. في فرنسا عمدت العديد من المدن الفرنسية في ثمانينيات القرن الماضي إلى خصخصة المياه، وابرمت عقودا بشأنهامع شركات خاصة، وكانت نتيجة هذه العقود أن أصبحت المياه في المدن التي اعتمدت هذا النظام أغلى بثلاثين بالمائة من باقي المدن التي ابقت على إدارتها الذاتية للمياه. وبعد عشر سنوات على ذلك أصبحت البنى التحتية للمياه في حالة سيئة جدا لإهمال شركات الاستثمار تطوير البنى التحتية لأن العقد لم يلحظ مسألة تطوير البنى التحتية، مما حدا بأكثرية المدن إلى استعادة مرفق المياه من القطاع الخاص نتيجة فشل سياسة خصخصة المياه التي كانت ستأتي بنتائج اخرى لو كانت العقود المبرمة أكثر توازنا بين فرقائها ولو كانت الإدارة أكثر كفاءة في مراقبة عمل هذه الشركات".
وقال فهد: "مسألة التزام تنفيذ المطار في لبنان، تعاقدت الدولة اللبنانية مع شركة فال FAL على تحديد مدى توافر شروط معينة في السيارات الموضوعة في السير (الميكانيك)، فتم ربط كلفة هذا العقد بالحد الأدنى للاجور مما ادى إلى مضاعفة هذه الكلفة عند الزيادة الأخيرة للأجور. عقود BOT الموقعة مع سيليس وليبانسيل اتاحت لهم ثغرة في العقود، إلزام المستهلك بتسديد مبلغ خمسمائة دولار أميركي عند الاشتراك لتمويل أعمال البناء.
إن هذه العينة من الامثلة تبين ضرورة تطوير عمل إدارات الدولة لتصبح قادرة على تنفيذ سياسات الدولة الاقتصادية ومؤهلة لإبرام عقود مع القطاع الخاص ومراقبة تنفيذها والتعامل مع أي خلل اقتصادي، وتجاوز نتائجه السلبية أو الحد منها، وخلق أدوات لمساعدة القوى الاقتصادية المحلية ولجذب رؤوس الأموال الخارجية".
أضاف: "الأساس الثالث هي حقوق الأفراد. إن احد أهم الأسباب التي أدت إلى أن يصبح لبنان ملاذا آمنا منذ القرن التاسع عشر لكل مضطهد هو احترام الملكية الفردية، وهو امر لم يكن متوافرا في حينه في أي من البلدان الاخرى المجاورة. ولهذا السبب اختارت الإرساليات الاجنبية لبنان كمركز رئيسي لها في المنطقة، وقد لعبت دورا كبيرا في تطوير العنصر البشري في لبنان عبر المدارس والمطابع. إن احترام حقوق الفرد، سواء أكان رجلا أو امرأة او طفلا، ولا سيما حقه في الملكية وفي التعبير وفي إنشاء الجمعيات والإتاحة له ممارسة أي نشاط اقتصادي يؤدي حتما إلى تعزيز الامكانات التنموية الاقتصادية للدولة".
وتابع: "الأساس الرابع هي السلطة القضائية المستقلة. لا يستقيم حكم القانون، إلا بوجود قضاء شفاف، يحظى بثقة المتقاضين، محصن ضد جميع المؤثرات الخارجة عن القضايا المعروضة أمامه، مستقل نزيه كفوءوسريع ومستقر في اجتهاده، فيتوجه إلى المتقاضي كإنسان بتجرد وحيادية وموضوعية، يحترمه ويحترم عاداته وتقاليده ودرجة إدراكه، فيأتي الحكم مقبولا ومفهوما منه. ويقتضي أن يصبح بإمكان أي متقاض تحديد ملامح نتيجة دعواه بالاستناد إلى وقائعها الثابثة. ومن اجل تحقيق كل ذلك لا بد من أن تتوافر للقاضي جميع الأدوات والتسهيلات والتدريبات اللازمة لكييتمكن من لفظ الأحكام بصورة عادلة".
وقال: "بعد استعراض أسس حكم القانون قد يقول البعض أن هذه الاسس لا تشكل حاجة للتمنية الاقتصادية، فالإبتكار والابداع والتطور التقني والموارد الطبيعية تكفي لتأمين التنمية الاقتصادية، بدليل معدلات النمو المرتفعة التي تسجلها البلدان النفطية وبعض البلدان الصناعية كالصين، رغم افتقار هذه الدول لحكم القانون. سألت يوما احد اصدقائي الذي يتبوأ مركزا مرموقا في إحدى الشركات الاقليمية الكبرى عن سبب تكتل غالبية استثمارات هذه الشركة في البلدان التي تفتقر إلى حكم القانون، فأجابني سريعا أن هذه الاستثمارات توفر اعلى هوامش أرباح للشركة. لتأكيد عدم صوابية هذا الاعتقاد (اي ان التنمية لا تحتاج لحكم القانون) يقتضي مراقبة أنظمة هذه الدول عن كثب لنجد أن التنمية فيها ناتجة عن اقتصاد موجه تكون الدولة فيه قابضة على أدوات الانتاج والاستثمار سواء بصورة مباشرة أم بصورة غير مباشرة أي أن الدولة هي من تختار الأشخاص المستفيدين من هذه التنمية وهم طبعا قلة في المجتمع. وتشكل تونس مثالا ساطعا على هذه الحالة فبالرغم من أنها كانت تحوز على معدلات نمو اقتصادي جيدة نسبيا إلا أن هذا الأمر لم يمنع قيام الثورة فيها لأن الشعب التونسي لم يكن يستفيد من ريع التنمية الاقتصادية بل كانت المقدرات الاقتصادية لهذه الدولة مركزة بين يدي عدد قليل من الأشخاص".
أضاف: "لا يسعني وأنا في مركزي الحالي على رأس السلطة القضائية إلا أن أودي حسابا أمامكم،أنتم مستقبل هذا البلد وقلبه النابض، عن الخطوات التي تم اتخاذها في عمل السلطة القضائية لكي تقترب العدالة الوضعية التي تؤدى كل يوم في محاكمنا من العدالة المطلقة التي يتوق إليها كل واحد منكم من حيث السرعة والتجرد والملاءمة والتناسب عند إصدار الأحكام القضائية، لتساهم هذه السلطة في تعزيز حكم القانون. لقد سعى مجلس القضاء الأعلى إلى تطوير قدراته وآليات عمله واتخذ إجراءات فعالة للارتقاء بمستوى عمل المحاكم عن طريق إنشاء خلايا عمل لتفعيل العمل الجماعي بين القضاةTeam Work، واللجوء إلى تفويض بعض الصلاحيات (delegation) بغية إشراك أكبر عدد ممكن من القضاة في عملية التطوير. كما أنشأ أمانة سر لمجلس القضاء الأعلى لتكون أداته الإدارية ولوضع قراراته موضع التنفيذ، وجعل ضمن هذه الأمانة مكتبا إعلامياوموقعا الكترونيا على الشبكة الإفتراضية كخطوة إضافية لتعزيز الشفافية في عمله ولنشر ثقافة الاخلاقيات والمناقبية القضائية وواجبات القضاة وتعميمها ومواكبة نقل الخبر القضائي بموضوعية الى الإعلام وعبره الى الرأي العام. وفي سياق تعزيز الشفافية عينه أطلق المجلس مشروع رحلة إلى قلب العدالة بهدف الاتاحة لطلاب الجامعات، زيارة محكمة الجنايات ومتابعة سير المحاكمات لديها عن كثب.
كذلك أنشأ المجلس هيئات استشارية قضائية منتخبة في المحافظات (أي ان القضاة يقومون بانتخاب ممثلين عنهم) لإشراك القضاة انفسهم في إدارة محاكمهم. أما على صعيد تسريع المحاكمات فقد تشدد المجلس في تعميم تطبيق قانون الأصول الموجزة للدعاوى التي لا تتجاوز قيمتها مبلغا يعادل ثلاثين مرة الحد الأدنى للأجور (13500) دولار أميركي، كما عمل على تفعيل قانون أصول المحاكمات المدنية لناحية تطبيق تبادل اللوائح في الدعاوى المدنية لتسريع محاكماتها".
وتابع: "من ناحية ثانية يواكب المجلس حاليا عبر لجنة متخصصة ورشة مكننة اقلام المحاكم، كما عمد إلى تطوير إحصاءات المحاكم بحيث أصبح بالإمكان تحديد القرارات الصادرة عن المحاكم بحسب نوعها، فضلا عن تحديد حركة ورود الدعاوى إليها وحجم الدعاوى المدورة فيها. وأصبح بالإمكان تحديد هوية القاضي المقرر في الغرف القضائية المؤلفة من ثلاثة قضاة. وذلك في سبيل رصد إنتاجية كل قاض بصورة دقيقة، ونتيجة لذلك، زادت إنتاجية المحاكم في العام المنصرم بمعدل ثلاثين بالمئة عن إنتاجية السنة التي سبقتها. ويعمل المجلس أيضا على تحديد معدلات الوقت القضائي للأحكام بالاشتراك مع الرؤساء الأول الاستئنافيين وبالمجالس الاستشارية للتوصل إلى تحديد معدلات الوقت القضائي اللازم لكل مهمة مناطة بالمساعدين القضائيين. أما لجهة الارتقاء بمستوى العمل القضائي فقد عمد المجلس إلى وضع معايير موضوعية تسمح للقاضي نفسه ولمجلس القضاء الأعلى بتحديد مستوى مهنية القاضي ومواكبة عمله بطريقة موضوعية شفافة. وعمد المجلس أيضا إلى تفعيل النظام التأديبي للقضاة والمساعدين القضائيين (عمل هيئة التفتيش القضائي والمجلس التأديبي للقضاة والهيئة العليا للتأديب). وأولى اهمية كبرى للتدريب المستمر للقضاة والمساعدين القضائيين والخبراء والأطباء الشرعيين والكتاب العدول كي يماشوا التطور العلمي والتكنولوجي وثورة الاتصالات. أما بالنسبة لمعهد الدروس القضائي وهو الجهة المولجة بتكوين قضاة الغد، وآمل ان يكون بعضكم من بينهم، فقد جرى البدء بتطبيق خطة لتطوير مباراة الدخول إلى معهد الدروس القضائية، وتم إدخال امتحان الشخصية للمرة الأولى في السنة الماضية بناء على معايير دولية. إن جميع هذه الخطوات تساهم حتما في تطوير حكم القانون مما يؤدي إلى توفير مناخ أفضل للتنمية الاقتصادية السليمة في لبنان".
وسأل: "هل بلغنا الكمال؟ بالتأكيد لا فالكمال لله إنما للاقتراب منه يقتضي العمل على تأمين استقلال السلطة القضائية المالي والإداري الكامل عن السلطة التنفيذية لاسيما التخلص من وجوب إصدار التشكيلات القضائية بموجب مرسوم، مع الحفاظ على درجة معينة من التعاون وأن لكم دورا في هذا التحدي".
وختم فهد: "أود التأكيد على ثلاث نقاط. إن الاجهزة الإدارية والقضائية في أي دولة تشكل عنصرا حيويا لتحديد إمكانية التطور فيها، وبالتالي فإن الإدارة الكفوءة تقود إلى التنمية الاقتصادية وليست التنمية الاقتصادية هي من تقود إلى الارتقاء بمستوى الاجهزة الإدارية والقضائية. لا يمكن مجاراة البنك الدولي في اعتباره أن البلدان ذات الأنظمة الانكلوساكسونية توفر مناخا أفضل للتنمية الاقتصادية من البلدان التي تعتمد النظام الروماني-جرماني. فلا يمكن أصلا لأي بلد ترك تراثه القضائي وتغييره إلى تراث آخر لاستحالة تطبيق ذلك. وربما قد تكون محاكم DIFCأي محاكم مركز دبي المالي العالمي هي التجربة الأولى في العالم من حيث أنها لا تطبق الشريعة الإماراتية الرومانية الجرمانية على النزاعات المطروحة أمامها بل تطبق القانون الانكلوساكسوني بواسطة قضاة اجانب. إن التطبيق الجيد للقانون هو بأهمية مضمون القانون نفسه، لأن التطبيق السيء لقانون جيد لا يؤدي إلى تنمية اقتصادية، من هنا وجب توفير جميع الوسائل اللازمة لتطوير عمل السلطة القضائية وضمان استقلالها".