
مجمل المؤشرات المتسارعة حتى ساعة متقدمة من ليل امس، كانت تتجه الى طي الصفحة الاخيرة في الازمة الحكومية الاطول في تاريخ الازمات الحكومية في لبنان بما يعني ان مراسيم تشكيل الحكومة "السلامية" وقبول استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يفترض ان تصدر قبل ظهر اليوم استباقا لسفر رئيس مجلس النواب نبيه بري في جولة تستمر نحو اسبوع، علما ان سفره قبل تشكيل الحكومة يجعل تشكيلها متعذرا الى حين عودته. وهو كان صارح زواره امس بأنه اذا لم تتشكل الحكومة قبل ظهر اليوم "سيكونون مضطرين الى انتظار عودتي لانني لن أرجئ الجولة".
كما ان الدافع الآخر الى اصدار التشكيلة قبل الظهر هو موعد احياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في مجمع "البيال" عصرا، والذي ستكون فيه كلمة وصفت بأنها مهمة وبارزة للرئيس سعد الحريري سيطل عبرها على القضايا الرئيسية في الوضعين الداخلي والاقليمي.
وبدا واضحا ان الاندفاع البارز الذي سجل في الساعات الاخيرة والذي أتاح تذليل العقدة العونية التي اعترضت طويلا اتمام الاتفاق على التشكيلة الحكومية، يعود الى التواصل المستمر بين تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، وهو التواصل الذي شكل كاسحة الالغام الاخيرة امام الولادة المفترضة للحكومة اليوم.
وقد فتحت الثغرة الاساسية لدى موافقة العماد ميشال عون على اسناد حقيبة الطاقة الى حليفه في "تكتل التغيير والاصلاح" حزب الطاشناق، على ان يتولى الوزير جبران باسيل حقيبة الخارجية كما تسند الى "التيار الوطني الحر" حقيبة خدماتية اساسية هي الاشغال او التربية.
لكن الاشغال شكلت بابا للمنازعة بين حصة الرئيس بري وحصة عون كما أثار اسناد الخارجية الى ماروني اشكالا لجهة وزارة الدفاع التي كان الرئيس ميشال سليمان ينوي اسنادها الى الوزير السابق خليل الهراوي.
وعلمت "النهار" ان رئيس الجمهورية حرص في الاتصالات التي أجراها في اليومين الاخيرين على التأكد من ولادة حكومة تنال ثقة مجلس النواب وهذا ما كان موضع مشاورات بينه وبين الرئيس المكلف تمام سلام ليل الاربعاء - الخميس.
وعليه فأنه لن يمانع في ان تكون حقيبة الدفاع السيادية التي هي لوزير محسوب عليه من الطائفة الارثوذكسية هو سمير مقبل الذي سيكون ايضا نائبا لرئيس الحكومة باعتبار ان الوزير الماروني الذي سيتولى حقيبة سيادية سيكون من حصة العماد عون ممثلا بالوزير باسيل الذي سيتولى منصب وزير الخارجية.
لكن هذا التوزيع مشروط بضمانة أكيدة ان التشكيلة الحكومية ستعبر مجلس النواب. اما اذا ظهر ان هناك احتمالا ألا تحظى الحكومة بالثقة النيابية فإن الرئيس سليمان سيتمسك بتمثيل سيادي بوزير ماروني هو الوزير السابق الهراوي. وقد حرص رئيس الجمهورية على التأكيد ان الانجاز الامني الاخير يجب ان يستكمل بانجاز سياسي يتمثل بتأليف الحكومة. ووصفت محادثات ليل امس الحكومي الطويل بأنه ليل تدوير الزوايا بصورة نهائية.
وحتى ساعة متقدمة من الليل كانت اتصالات التأليف تعكس تفاؤلا بولادة الحكومة الجديدة اليوم، وقت كان مسار الحوار بين تياري "المستقبل" و"الوطني الحر" يحرز تقدما ملحوظا توّج خمسة اجتماعات بين مستشار الرئيس الحريري السيد نادر الحريري والوزير باسيل وسط معلومات ان البحث بين الفريقين يتجاوز موضوع الحكومة الى مرحلة ما بعد الحكومة بكل آفاقها.
على صعيد رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، كانت الاتصالات مفتوحة في اتجاه قصر بعبدا ودارة المصيطبة وبيت الوسط وعين التينة و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" واسترعت الانتباه في هذا المجال زيارة قام بها الوزير وائل ابو فاعور لقصر بعبدا منتصف ليل الاربعاء - الخميس بتكليف من النائب جنبلاط.
ref:wataniya